بعد سماعنا بهذه الظاهرة الطبيعية، قادنا فضولنا الصحفي إلى قرية آيت داوود، على بعد تسعة كيلومترات من مقر بلدية إيعطافن، التابعة لدائرة بني يني، جنوب تيزي وزو، أين اكتشفنا منبعا مائيا جبليا يعرف باسم "ثالة ملولن"، بمعنى "الينبوع الأبيض"، واقعا على ارتفاع أزيد عن 800 متر عن سطح البحر. تصل درجة حرارة مياهه المتدفقة إلى نحو 40 درجة مئوية. ويعتبر من أشهر المنابع على المستوى الولائي، نظرا إلى خصائصه السياحية والعلاجية. والغريب في هذا المنبع أنه يظهر مرة واحدة في السنة وبالضبط في فصل الربيع. تنبع من ثالة ملولن مياه ساخنة ومالحة عبر عدة جداول. وتزداد حرارة الماء كلما صعدت نحو أعلى الجبل، الذي يضم حوضا كبيرا يستحم فيه زوار المنطقة. وتتدفق منه المياه بغزارة على شكل فقاعات بخارية. هذا ما جعل المكان من أهم السياحية الرائعة في المنطقة. فهو يشكل لوحة طبيعية ساحرة. وما زاد في جماله محاذاته جبال جرجرة المغطاة ببرنوسها الأبيض، الممتزج مع ألوان الأشجار المخضرة. هذا ما جعل مؤهلاته الطبيعية تدعو إلى الاستغلال والاستثمار. وحتى نستفسر عن هذه الظاهرة، أكد لنا أحد سكان المنطقة، العارف بخباياها جيدا، أن المنبع يقع في ملكية "آيث شيغة نتزاغارث"، يعود تاريخ اكتشافه، حسب ذات المتحدث، إلى أكثر من قرن من الزمن. وقد تشكل بعد حفر الفرنسيين أنفاقا تحت الأرض، بحثا عن المياه العذبة، إلاّ أنّهم عثروا على مياه معدنية مالحة وساخنة، سميت ب "ثالة ملولن"، تقع في قرية آيت داوود، البعيدة عن عاصمة الولاية تيزي وزو، بنحو 70 كلم. فحرارة المياه المتدفقة منه سببها الطاقة المختزنة في جوف الأرض. والغريب في الأمر أنها تظهر مرة في السنة في فصل الربيع عند نهاية شهر مارس وبداية شهر أفريل. وتبقى بضعة أسابيع قبل أن تجف كليا، وكأنها غير موجودة أصلا، حيث إن زائر المكان لأول مرة، لن يصدّق أنّ منبعا طبيعيا يوجد هناك. ولم يتمكن أحد من الزوار الذين وجدناهم في المكان، أو سكان المنطقة من إيجاد تفسير لهذه الظاهرة، رغم أن محدثنا أرجعها إلى نفاذ المياه المخزنة في فصل الشتاء، فيما وصفها آخرون بالظاهرة الطبيعية النادرة.. تخرج مياه المنبع، الممزوجة بمادة الشب الأبيض، من باطن الأرض. وتضم فقاعات بخارية ساخنة مشكلة بحيرة واسعة أعلى الجبل، تكون مقصد العائلات للاستحمام، ثم تسيل مياهها بغزارة على الصخور. وتنحدر بعد ذلك مشكلة شلالات طبيعية صغيرة مبهرة، لتواصل رحلتها بعد أن تتدفق في الطريق العام لتصل إلى أسفل الوادي. وتمثل مياه ثالة ملولن ثروة مائية مهمة يمكن استغلالها في السياحة والعلاج الطبيعي، لاسيما أنها تحتوي على عناصر معدنية ذات خواص علاجية. وهذا أكدته العينات التي حللها المخبريون، الذين أثبتوا فعالية المياه في علاج العديد من الأمراض الجلدية، مثل الأكزيما المزمنة، والصدفية، والحساسية المفرطة. وتستقطب ثالة ملولن أو المنبع الأبيض، العديد من الزوار الذين يفضلون قضاء أوقاتهم هناك والاستفادة من مياهه الطبيعية الصحية، حيث يشتهر بكونه يعالج مختلف الأمراض الجلدية. وقال محدثنا إن العديد من الزوار يقصدونه من مختلف ولايات القطر الوطني. وهو ما وقفت عليه "الشروق" لدى زيارتها إلى الموقع الخلاب الذي يشهد تدفقا هائلا للمركبات القادمة من كل جهات الوطن، باختلاف لوحات ترقيمها، التي ركنت على أطراف الطريق المليئة بالمنعرجات. بالرغم من انعدام مرافق الاستقبال والترفيه والتسلية بهذا الموقع السياحي الخلاب بامتياز، فإن بعض الزوار أعربوا عن ارتياحهم واستمتاعهم بزيارة منبع ثالة ملولن، الزاخر بثروة مائية هائلة، طلبا للعلاج والصحة، أين يجدون أنفسهم مرتاحين بكل ما يحيط بهم من مناظر خلابة تستهوي العقول، لاسيما جبال جرجرة، المحاذية للمكان، التي تغطي قممها الثلوج.