فتح رئيس لجنة المالية والميزانية، محجوب بدة، النار على بارونات الاستيراد، الذين يضخمون الفواتير ويهربون الأموال إلى الخارج، مشددا على أنهم أكبر خطر يترصد الاقتصاد الوطني في خضم الظرف المالي الصعب الذي تمر به الجزائر، مطالبا بسحب ملف الاستيراد من الخواص وتحويله إلى جهات حكومية، بمعنى العودة إلى احتكار الدولة للتجارة الخارجية. وأوضح بدة، في تصريح ل"الشروق"، أن الظرف الاقتصادي الحالي لا يتطلب سن قانون مالية تكميلي، فكافة الإجراءات الخاصة بترشيد النفقات تم إدراجها في قانون المالية لسنة 2016 ، مخالفا بذلك رأي بعض الخبراء الداعين إلى المسارعة في الإفراج عنه، مؤكدا: "ليس هنالك تغيرات جديدة أو طارئة لفرض قانون تكميلي رغم أن الجزائريين تعودوا عليه في السنوات الماضية"، مضيفا: "نحن في لجنة المالية لم يتم إبلاغنا بشيء إلى حد الساعة وعلى الأرجح لا وجود لقانون تكميلي ". وعاد بدة إلى الحديث عن القرض الوطني للنمو الاقتصادي، أو القرض السندي، حيث لم يتوقع نتائج مرضية لهذه المبادرة التي يسيرها وزير المالية عبد الرحمن بن خالفة مصرحا: "لا أتوقع أن تنجح السندات في إدخال أموال السوق الموازية إلى المجال الرسمي، فبالعكس، هذا القرض يضر البنوك ويستنزف سيولتها ويكلفها مصاريف إضافية لتسديد الفوائد". وبالرغم من أنه رفض الحكم بالإعدام على تجربة القرض السندي الذي لا يزال في المهد، إلا أنه تساءل قائلا: "كيف كانت البنوك تطلب من قبل أموال السوق الموازية لتقتطع منها 7 بالمائة، واليوم تريد أن تمنحها فوائد ب5 بالمائة، فالقراران متناقضان". كما ذهب أبعد من ذلك قائلا: "مقرضو الدولة يسحبون أموالهم من البنوك لشراء سندات الخزينة، وبذلك فإنهم لا يضيفون شيئا إلى الاقتصاد، وسيفرغون الوكالات البنكية"، مشددا: "أموال السوق الموازية من الصعب استثمارها في السندات، لأن أصحابها غالبا يتفادون الفوائد لمعتقدات دينية".
4.5 ملايير دولار ديون الجزائر في الخارج وعن ملف الاستدانة الخارجية، قال بدة إنه ليس ضدها، فكل اقتصاديات العالم تعتمدها، ولكن يجب حسبه الحذر في طريقة صرف الأموال التي يجب أن توجه إلى الاستثمار وليس إلى الأكل والشرب والاستيراد، مذكرا بأن ديون الجزائر الخارجية اليوم تعادل 4.5 ملايير دولار. وهو مبلغ وصفه بالصغير، بحكم أن الدولة تخلصت في سنوات البحبوحة من كافة أعبائها في الخارج، مطالبا بضبط المصاريف وترشيد النفقات وعقلنة التسيير، إلا أنه بالمقابل طمأن بأن الجزائر ليست في مرحلة خطر ولا إفلاس ولا عجز. وثمن رئيس لجنة المالية إجراءات كبح استيراد السيارات، وهو ما سيحافظ على 4 ملايير دولار في خزينة الدولة، أي تقليص الواردات بنسبة 75 بالمائة. كما طالب بتطوير قطاعات الصناعة والفلاحة والسياحة خلال المرحلة المقبلة، وخلق القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.
يجب إقصاء الوزراء والأثرياء من هبة ال 1800 مليار دينار ودعا المواطنين إلى العمل، والخروج من "عقلية الفايسبوك"، وشدد على أهمية الانتقائية في صرف أموال الدعم التي تعادل 1800 مليار دينار سنويا، مشددا: "لا يجب أن يستفيد من هذه الأموال الوزير والثري ليقتني الخبز والحليب بنفس السعر الذي يقتني به المواطن البسيط"، داعيا إلى الاستعجال في الإفراج عن قائمة المعوزين، من خلال اعتماد نظام معلوماتي قوي. وأكد بدة أهمية تحرير الاقتصاد الوطني والخروج من فكرة "مؤسسة خاصة ومؤسسة عمومية، واستبدالها بفكرة مؤسسة جزائرية"، كما دعا إلى إلغاء القاعدة 51 49 في المجالات غير الاستراتيجية وجعلها حكرا على قطاعي الطاقة والاتصالات والمجالات الاستراتيجية، وجلب مسيرين من الخارج إذا لزم الأمر لتحقيق مردودية المؤسسات العمومية، والاستثمار في مجال الرأسمال البشري. كما أعرب عن تضامنه مع الوزراء الحاليين، الذين دعا إلى عدم مقارنتهم مع سابقيهم بحكم أنهم يسيرون الميزانية في مرحلة الأزمة، وليس في فترة البحبوحة، فهم حسبه غير محظوظين مثل سلفهم، ومطالبون بحل سريع.