لم يظهر أي أثر للقرض الاستهلاكي الذي راهنت عليه البنوك والحكومة معا، خلال معرض الجزائر الدولي في طبعته ال49، حيث تبين أن كل ما قيل وما تم تسويقه لم يكن له أثر على الميدان، حيث لم يتقبل جل الجزائريين هذه الصيغة من القرض الاستهلاكي بفوائد ربوية، كما سجلت المؤسسات المعنية إقبالا جد محتشم، وهو ما جعل مشاركين يعلقون "إن المشروع ولد ميتا". ومن خلال اقترابنا من منتجين محليين وممثلي مؤسسات بنكية حاضرة بمعرض الجزائر الدولي، اتضح أن مشروع القرض الاستهلاكي اعترضته مشاكل رئيسية تتمثل أساسا في الفوائد الربوية، حيث يكتفي الغالبية من المواطنين بالاستفسار عن التفاصيل وبمجرد الاطلاع على نسبة الفائدة يصرفون نظرهم عن العملية، إضافة إلى قضية تمويل الصيغ السكنية المختلفة، ومشكل التوطين للحسابات البنكية والبريدية.
حصيلة سلبية.. وهذه الأسباب جولة قصيرة قادت "الشروق" أمس إلى أجنحة مختلفة لمصنعين جزائريين مشاركين في معرض الجزائر الدولي، كانت كافية للوقوف على حصيلة القرض الاستهلاكي بعد نحو 5 أشهر من اطلاقه، حيث أكد مدير التسويق بشركة "ايريس" مهدي تبورتين ل"الشروق" أن المؤسسة وقعت عقودا مع مؤسسات بنكية والمواطنون الآن بصدد الاستفسار أكثر وطلب تفاصيل عن هذا القرض الاستهلاكي. من جهته، أوضح مصطفى بوطرشة مدير الإدارة بشركة "أطلس" أن الشركة تتوفر على شهادة مصنع محلي، أما فيما يخص الأرقام المتعلقة بالقرض الاستهلاكي فالشركة لم تشرع في العملية بعد، موضحا أن هناك طلبات من الزبائن عبر الموزعين المعتمدين للشركة، كونها لا تتعامل بالبيع المباشر وإنما تعتمد على موزعين، مضيفا إنه يعتقد أن الطلبات تكون متوفرة على مستوى الموزعين، لكن على مستوانا قمنا بتحضير الموزعين لبيع منتجاتنا في إطار هذا القرض الاستهلاكي. واقتربنا من الشركة الوطنية للصناعات الالكترونية "إيني" العمومية، حيث أكدت مسؤولة التسويق والاتصال خايلي سهام، أن الشركة انخرطت في العملية لتوفير تشكيلة واسعة من المنتجات للمستهلك الجزائري، وقامت بالتوقيع على اتفاقيات مع بنوك عمومية وخاصة على غرار البنك الخارجي والقرض الشعبي وغيرهما. وعن بداية المشروع لدى "إيني"، قالت المتحدثة أن هناك عوامل كبحت نوعا ما إقبال المواطنين على القرض الاستهلاكي، وقالت في هذا الإطار "هناك عمليات بيع على مستوى قاعات العرض، لكن هذا تزامن مع عمليات دفع أقساط السكنات "أل.بي.بي" وعدل وهو ما كبح العملية نوعا ما"، مضيفة أن المؤسسة تأمل في انتعاش العملية مع فصل الصيف وكأس أوروبا للأمم لكرة القدم. من جانبهم استعرض ممثلو مؤسسات بنكية جملة من الأسباب التي جعلت من القرض الاستهلاكي بعيدا عن متناول المستهلك الجزائري، حيث أوضح ممثل بنك عمومي مشارك في المعرض فضل عدم كشف هويته أن الجزائريين كانوا ينتظرون هذا المشروع خصوصا من اجل اقتناء سيارة وليس من أجل الأجهزة الكهرومنزلية وغيرها، مضيفا أن أعداد السيارات محدودة وهو ما ساهم في عدم إقبال الجزائريين عليه.
الهروب من شبهة الربا واعترف المتحدث بكون قضية الفوائد المتضمنة في القرض قد ساهمت في عزوف الجزائريين عليه، مشيرا إلى أن أعدادا كبيرة تقصد الوكالات البنكية للاستفسار، لكن عدد الملفات لا يعكس إطلاقا أعداد الذين يطلبون معلومات عن العملية. من جهتهم استعرض ممثلون عن بنك التنمية المحلية بالجناح المخصص لهذا البنك، جملة من الأسباب التي جعلت من القرض الاستهلاكي يبقى محتشما، حيث أن غالبية الجزائريين تتقاضى أجورا متوسطة ويتم توطينها لدى الحسابات الجارية البريدية، "سي.سي.بي" والكثير من البنوك ترفض التعامل هكذا وتشترط حسابات بنكية وليس بريدية. ويضاف إلى هذا حسب ممثلي "بي.دي.أل" عزوف الجزائريين بسبب نسبة الفائدة التي تصل إلى 9 بالمائة، وهو ما يجعل الغالبية منهم يرفضون الانخراط في القرض الاستهلاكي، فضلا عن كون النسبة الأكبر من الجزائريين كانت تأمل في اقتناء سيارة من خلال القرض الاستهلاكي. وخلال تواجدنا بمعرض الجزائر الدولي أجمع عدد من المواطنين اقتربنا منهم لاستفسارهم حول القرض الاستهلاكي، أنهم فعلا تواجهوا نحو المؤسسات والبنوك ولكن تم صرف النظر عن هذه العملية بسبب الفوائد المتضمنة في القرض، وهو ما يعتبر ربا على حد تعبيرهم.