المجاهد بوحيرد بمقر الشروق وقعت لنا أجمل ذكرى قد يحتفظ بها أي صحفي جزائري لم يكن يحلم يوما بأن المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد التي قرأنا عن نضالاتها وأغرمنا بتضحياتها منذ الصبا قد تفاجئنا بإطلالة جميلة كاسمها في مقر عملنا. * عندما تشرفت الاثنين جريدة الشروق اليومي بزيارة مفاجئة من بطلة أبت إلا أن تزور أول جريدة على المستوى الوطني والعربي، فتضيف اسمها المرصع بالذهب في سجل تاريخ الثورة التحريرية وفي الذاكرة الجماعية إلى سجل الشروق الحافل بالأسماء العظيمة من رموز الأمة العربية الإسلامية على اختلاف المشارب. * مفاجأة جد سارة وزيارة تاريخية استطاعت أن تخلي قاعة التحرير في أقل من دقيقة من طاقمها الصحفي الذي ودون أن يشعر وجد نفسه يلتف حول المرأة البطلة. امرأة دوخت فرنسا بصمودها وشجاعتها، امرأة لازالت معالم الكفاح والتعب مرسومة على محياها تحاول -عبثا- أن تمحو ابتسامتها العريضة وإشراقة وجهها التي تجعلك تزداد تمسكا بهذا الوطن تماما مثلما فشلت النظارات في إخفاء بريق عينيها المليئتين بالأمل والحب. * من قال إن سنوات الكفاح ضد الاستدمار الفرنسي قد أنهكت بطلة الجزائر وفخر المقاومة العربية...جميلة بوحيرد لم تتوقف عن تبادل الضحك والمزاح معنا، حتى أننا لم نشعر ولا لوهلة واحدة أنها تكبرنا سنا، وهي التي تحمل في ذاكرتها تاريخا زاخرا بالأحداث المصيرية وهي التي عايشت جيلي الثورة والاستقلال ترفض أن يتسرب إليها أو إلينا اليأس مهما كانت الظروف، فكانت بين المزحة والأخرى تذكرنا قائلة "نحن ضحينا بالأمس بكل ما نملك وما نستطيع من أجل أن تنعموا بالحرية والسلام". * الجزائرية العظيمة التي ألهمت يوسف شاهين رائعة الفيلم واستنطقت نزار قباني شعرا لا يزال راسخا في ذاكرة كل عربي أبي "الاسم جميلة بوحيرد رقم الزنزانة تسعونا في السجن الحربي بوهران والعمر اثنان وعشرونا، عينان كقنديلي معبد والشعر العربي الأسود كالصيف ..كشلال الأحزان..."، أكدت إعجابها بمسار جريدة الشروق وثمنت مثابرتها على تقصي الحقيقة وكانت وصيتها التفاني في خدمة الوطن كل من منصبه ولم تتوقف منذ وصولها على الثناء على الشباب الجزائري ولو أن فخرها بما حققته الفتاة الجزائرية كان له وقفة خاصة في حديثها دون أن تنقص من جهود أخينا الرجل شيئا. وكيف لا وزميلنا قادة بن عمار لم تثنه متاعب المهمة التي كلف بها في القاهرة منذ أيام من تخصيص وقفة تستحقها عندما التقى بطلة فيلم شاهين "ماجدة الصباحي" وراحت تثني على ما تعلمته عندما أدت دور جميلة وكيف كان الفيلم نقطة تحول في حياتها الشخصية والفنية.