طالبت الجزائر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإعادة النظر في الاقتراحات الواردة في تقريره حول الحقوق الأساسية والقاضية بتوسيع مجال تدخل البعثات الدبلوماسية في بعض المناطق في العالم بحجة الدفاع وحماية نشطاء حقوق الإنسان، وحذرت من جهة أخرى من تخلي المجلس عن دوره في دعم حق تقرير مصير الشعوب وحماية نشطاء حقوق الإنسان في الدول الواقعة تحت الاحتلال. واصل الوفد الجزائري المشارك في الدورة ال13 لمجلس حقوق الإنسان الأممي الجارية أشغالها بجنيف السويسرية منذ الفاتح مارس الجاري في مناقشة مختلف التقارير الخاصة بالجزائر، ودافع عن بعض المواقف التي تشكل أهمية بالنسبة للعمل الدبلوماسي الجزائري. وجاء تدخل عضو الوفد الجزائري السيد محمد الأمين بن شريف في جلسة يوم الجمعة الماضي المخصصة لمناقشة محتوى تقرير المجلس حول الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، ليعكس امتعاض الجزائر من بعض النقاط الواردة فيه والتي تجعل من حماية حقوق الإنسان أداة للتدخل غير المباشر في شؤون بعض الدول باسم حقوق الإنسان. وفي هذا الإطار أكد السفير الجزائري السابق في بوركينافاسو أن تقرير المجلس احتوى على الكثير من الاقتراحات التي لا تساعد على ترقية هذا المجال بالنسبة للدول، واعتبر الاقتراح الخاص بفتح مجال ترقية الإطار التشريعي والقانوني لجمعيات حقوق الإنسان منافيا لمبدأ سلطة الدولة كون هذه الأخيرة هي المسؤولة الأولى على ترقية وحماية حقوق الإنسان، ليس فقط من خلال دعم نشاط المدافعين على هذا الحق ولكن بالنسبة لجميع فئات المجتمع، وبذلك فإن الدولة "هي الوحيدة المسؤولة على ترقية الإطار التشريعي والقانوني والإداري حتى يستفيد كل المواطنين التابعين لإقليم إدارتها بحقوقهم الأساسية". وذكر السيد بن شريف أن الجزائر تولي أهمية كبيرة لعمل نشطاء حقوق الإنسان وترافقهم في كل أنشطتهم من منطلق قناعتها بأنهم يعتبرون أحد أهم الفاعلين في ترقية هذا المجال. ومن هذا المنطلق أوضح أن الدولة هي المسؤولة الوحيدة على ضمان أمن وحماية كل مواطنيها بما في ذلك نشطاء حقوق الإنسان الذين يمارسون نشاطهم وفق القوانين والتشريع المعمول بهما. وأبدى استغرابا لمضمون التقرير وبالضبط الفقرة 67 منه التي نصت على تدخل نشطاء حقوق الإنسان في حماية المواطنين أو المبادرة بتشريعات وقوانين، وبرأي عضو الوفد الجزائري فإن ذلك يعد تدخلا في المهام الموكلة للدولة، وطالب في هذا السياق بإعادة النظر في مضمون الفقرة 114 ب و114 ج التي تفتح المجال للبعثات الدبلوماسية في بعض مناطق العالم (أي بعض الدول) للتدخل من أجل ضمان حماية جسدية لنشطاء حقوق الإنسان، وأوضح أن إشارة التقرير إلى خصوصية المهام التي تقوم بها بعض البعثات الدبلوماسية أي حسب مناطق تواجدها، ودعم وتعزيز مهامها ودورها في الحماية الجسدية لنشطاء حقوق الإنسان، حيث توكل لهم مهمة القيام بعمل تحسيسي لفائدة النشطاء الحقوقيين، قد يؤثر على نشاطهم. وفي هذا السياق أشار الدبلوماسي الجزائري في تدخله إلى أن منح تمويلات أجنبية للمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في تعقيب على اقتراح المقررة الأممية يقضي بتوجيه الأموال التي يمنحها الاتحاد الأوروبي وبعض المؤسسات الإقليمية لإنشاء وتعزيز ائتلافات وشبكات وطنية وإقليمية لتعزيز حماية المدافعين عن حقوق الإنسان قد يؤدي الى إضعاف دور هؤلاء في مجتمعهم. وشدد في هذا الإطار على ضرورة تعميق الحوار والنقاش حول هذه المسألة على مستوى المجلس وإعادة النظر فيها. ومن جهة أخرى وفي مداخلة قدمها الخميس الماضي انتقد السيد بن شريف إغفال مقررة مجلس حقوق الإنسان لوضع النشطاء الحقوقيين الذين يعملون في مناطق تخضع للاحتلال والذين هم عرضة لكل أشكال القمع والتعذيب في إشارة واضحة إلى ما يعانيه المدافعون عن حقوق الإنسان في كل من فلسطين والمدن الصحراوية الواقعة تحت الاحتلال المغربي. وبعد أن رحب ممثل الجزائر في المجلس بالمواقف التي عبر عنها ممثل دولة باكستان بخصوص ضرورة تمكين الشعوب الواقعة تحت نير الاحتلال من تقرير مصيرها، أوضح أن حق تقرير المصير يبقى في مقدمة كل الحقوق التي يتعين على هيئة الأممالمتحدة ومجالس حقوق الإنسان أن تدافع عنها، وذكر بأن احترام حقوق الإنسان يمر عبر تطبيق اللوائح الدولية ذات الصلة. ودعا إلى إدارج حق الشعوب في تقرير المصير ضمن المجالات التي يدافع عنها مجلس حقوق الإنسان وتسجيل الموضوع في برنامج المجلس، موضحا أن كل محاولة للتخلي عن هذا الجانب سيكون تراجعا يجعل الهيئات الأممية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان تتحمل مسؤولياتها. وفي موضوع آخر أشار ممثل الجزائر إلى ضرورة التنديد بالأشكال الجديدة للتمييز العنصري في إشارة إلى الملصقات التي وضعتها الجبهة الوطنية الفرنسية خلال حملة الانتخابات الجهوية والأوروبية في فرنسا، وأكد أن من مهمة مجلس حقوق الإنسان الدفاع عن حرية المعتقد ونبذ الكراهية للآخر وللأجانب.