خلال الأسبوع التقيت بمجموعة من الأساتذة الجزائريين أثناء زيارتهم للدوحة.. وبدأنا نتكلم عن واقع الجامعة الجزائرية، فأعطوا لي صورة سوداوية لواقع الجامعة، بدأت من مسابقات الماجستير، ففي العديد من الأحيان قد لا تخضع للمعايير العلمية والأكاديمية، بقدر ما تكون عملية "علاقات عامة".. * وللأسف الشديد الواقع المرير موجود وفي توسع دائم ومستمر.. وأحياناً بعض الفروع التي تفتح غير مدروسة أو موضوعية، بقدر ما يكون فتحها لمواجهة الطالب، أو لرغبة "الأستاذ" العميد صاحب التخصص، فيجب أن يترك "إرث" حتى يبقى على نفس "البرستيج" بعد تنحيته، ليدرس مواد خفيفة دون أن يتعب نفسه!؟.. لذلك أحد الأساتذة شبه مسابقة الماجستير كأنها قرعة الحج، بعد سنين من الانتظار "ممكن" أن تفوز بمنصب أو مقعد بيدغوجي، أضف إلى ذلك أحياناً "طبيعة" التكوين المقدم، والمواد المقررة، والهيكل المسير قد لا يرتقي لا للمعايير الدولية أو الوطنية.. وذلك قد يفقد من قيمة شهادة الجامعة الجزائرية.. وإن كنت شخصياً من أحد خريجي الجامعة الجزائرية، وأفتخر بذلك.. إلا أن سمعة وبريق "الجامعة وشهادتها" في تراجع.. يحتم على المسؤولين أخذ العديد من الإجراءات الاستعجالية.. ومؤخرًا -كثر- الاستماع، والقراءة،... وداخل الحرم الجامعي، لظاهرة العنف المتنامية، فلم يقتصر صداها على الملاعب فقط.. فتحول الداء للجامعة، مع مختلف تبعاته.. وكل عاجز عن كيفية التعامل مع "الظاهرة" من وزارة وصية، ونقابات، وأساتذة، وطلبة... فإزهاق روح أستاذ جامعي، مشهود له بالكفاءة، والخبرة، والسمعة الطيبة في إحدى جامعات غرب الجزائر.. يستدعي تكاثف الكل والجميع؛ فحتى التعامل مع القضية -كان فاترًا وباردًا- فحسب قناعتي ميثاق شرف لنبد العنف غير كافٍ، فهو در للرماد وتغطية الشمس بالغربال، لكون "الظاهرة" أعمق من ذلك، وهي انعكاس للحالة السائدة في المجتمع، ومن ثم يجب الاتجاه نحو التثقيف والتربية على ثقافة نبد العنف وذلك بتكثيف الندوات، واللقاءات، وو... * كما يبدو أن أغلب التنظيمات الطلابية "في الجامعة" انحرفت عن "مهامها" من المطالبة.. إلى المغالاة خارج التماس، من الاهتمام بشؤون الطلبة والحياة الجامعية بصفة عامة.. إلى الشؤون السياسية.. فحتى الاهتمامات النقابية أصبحت محصورة حول "معدلات" النجاح ومختلف تبعاتها فقط.. * كما أنني -استغرب- بمطالعتي للصحف يومياً أن لا يقل خبر عن حياة "البؤس" التي تعيشها الجامعة، مما دفع ببعض "الأساتذة" للدخول في دوامة "البزنسة" بالنتائج والتقديرات، فهذه الحقيقة المرة والمحرجة، وأحياناً المشوهة لطاقم الأساتذة المشهود لهم بالكفاءة، يدفعنا للتساؤل حول عجز وتعطيل العديد من "الآليات" التي تحافظ على كرامة الجامعة والجامعيين...!؟ * وإنني قد لا أخوض في المسائل الاجتماعية للأساتذة، وحتى أكون صادقاً مع نفسي والقراء.. لعل المحور الاجتماعي من بين أحد الأسباب التي تدفع الجزائريين للهجرة.. فهي عديدة ومتنوعة، مما يعرقل السير العادي للجامعة، بحكم أنها عملية تفاعلية بين الأستاذ، والطالب، والإدارة، فإذا اختلت البوصلة، فيتم إصدار إفرازات مخالفة للتوجهات القائمة.. * هذه الانطباعات الجامعية تؤشر على "القصور" الحاصل في مختلف المستويات، من الوحدات القاعدية "القسم" أو "الوحدة" في الكلية إلى الجهات الوصية "الوزارة".. وإنه من "العيب" ونحن في القرن الواحد والعشرون... أن نتكلم عن إلقاء محاضرات داخل "أدوار السينما" لتفادي النقص في الهياكل القاعدية.. ومن العيب في عصر التكنولوجية والفضائيات أن نستعمل "وسائل" بدائية لتلقين طلابنا بعض الفنون والمعارف.. فحتى "الاختلال" القيمي للجامعة لدى العديد من الجامعيين يقارن قوة الجامعة عن الأخرى... ليس بمنتجها العلمي، والأكاديمي -أساتذة، رسائل مسجلة أو تمت مناقشتها، مجلات محكمة، مختبرات، الفوز بالجوائز العلمي-... ولكن بتعداد طلابها..!؟ * وأخيرًا، الجامعة هي "البترول" الذي لا يفنى بعد ثلاثين سنة... إن لم نأخذ القطاع بصفة جدية وعاجلة... فلننتظر الإفلاس "المادي" و"المعنوي".. بعد الحقبة -المتوقعة- بانتهاء الخامة السوداء.