اعتصم الأحد، أمام مصنع الإسمنت، مواطنو بلدية مفتاح، بعد فشل كلّ المحاولات الأخرى لوضع حدّ لحالة التلوث التي طالت كل أرجاء مفتاح، لدرجة امتناع عدّة مدارس عن رفع العلم الأحد، بسبب تدفق كثير لغبار الإسمنت، لذلك رأوا ضرورة اللجوء إلى هذا الاعتصام. مؤكدين عدم معارضتهم للإنتاج، وإنما لا يكون ذلك على حساب صحة وبيئة المواطنين. وقد فضّل عدد من ممثلي المجتمع المدني اللجوء إلى أساليب المفاوضات السلمية مع المعنيين بدل اتباع بعض الأساليب التي قد تتحوّل إلى فوضى أو أعمال شغب، حيث كان من المفترض أن يقوم حوالي 4000 مواطن بغلق الطريق والاعتصام أمام المصنع، إلا أن ممثلين عنهم رفضوا هذا النوع من الاحتجاج. فبعد اصطدامهم بحوار الطرشان بعد الشكاوى التي تقدموا بها لمختلف الجهات المعنية، وبعد فشل كل الطرق التي اتبعوها لمحاولة إقناع مسؤولي المصنع بإيجاد حل نهائي لمشكل التلوث الناجم عن عدم صلاحية المصفاة المضادة قبل وقوع كارثة حقيقية بسبب بلوغ درجة الخطر الإيكولوجي على الإنسان والبيئة، لم يجدوا طريقة أخرى يدقون بها ناقوس الخطر، إلا الاعتصام أمام مصدر الخطر لعل ذلك يجدي نفعا لتدخل السلطات المعنية واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل توقيف نشاط مصنع الإسمنت إلى غاية إصلاح المصفاة المضادة للتلوث.وفي شكوى أودعها سكان بلدية مفتاح لدى وكيل جمهورية بمحكمة الأربعاء والتي تحصلت "الشروق اليومي" على نسخة منها، كان من بين ما ورد فيها "تجاوزات" مصنع الإسمنت وذلك بسبب نشاطه خارج المواصفات البيئية المنصوص عليها في قانون البيئة والتعليمات الوزارية والدولية، علما أن هذا المصنع تمّ غلقه من طرف وزير البيئة بتاريخ 04 جويلية 2004 وهذا بسبب انعدام الشروط البيئية المعمول بها عالميا ووطنيا. كما طالبوا أيضا، في شكواهم بفتح تحقيق في هذا الباب بتعيين خبير وطني أو دولي في البيئة والصحة بالانتقال إلى المؤسسة وإجراء معاينات ميدانية مع استجواب كل من له دراية بهذا الموضوع، لإبراز مدى خطورة هذا التلوث، مبرزين في آخر الشكوى مطالبتهم بأدنى حق من حقوقهم المتمثل في تنفس هواء طبيعي نقي لا أقل ولا أكثر.أما عن المدير العام للمصنع، السيد حلفاوي مبارك، وفي لقائنا معه رفقة مدير البيئة وممثل عن مديرية المناجم والصناعة بحضور عدد من مواطني مفتاح، حيث دار نقاش حاد عبّر فيه المواطنون عن استيائهم من الوعود الكاذبة التي أعطيت لهم منذ سنوات من طرف المعنيين من أجل وضع حدّ لمشكل التلوث، حيث أجاب المدير العام أن الحل المؤقت سيكون بغلق المصنع لمدة 05 أيام، يتم بعدها القيام بتحسينات من شأنها التقليل من حجم التلوث، حيث خصص لهذه العملية مبلغ 5 ملايير دج. كما أضاف مدير البيئة أثناء تدخله أن القضاء النهائي على مشكل التلوث هو الغلق الكلي للمصنع، هذا الأمر الذي لن يلقى قبولا من طرف عديد المواطنين، كونه يشغل 580 عامل، ما سيؤدي إلى خلق مشكل آخر.وفي انتظار تطبيق هذا الحل المؤقت واختبار مدى نجاعته، سيتم خلال هذا الأسبوع عقد اجتماع آخر على مستوى مقر البلدية يجمع ممثلي المجتمع المدني بمسؤولي المصنع وممثلين عن مديريتي البيئة والمناجم لدراسة بقية الحلول الممكنة، أهمها قضية الشراكة مع الأجانب.