الشركة الأجنبية تكشر عن أنيابها دق بنك الجزائر ناقوس الخطر من الارتفاع المتواصل لحجم الفوائد التي تحولها سنويا الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، والتي تجاوزت 7 ملايير دولار السنة الفارطة. *الخوصصة الحالية ستحول الجزائريين إلى مجرد عمال لدى الأجانب وقال الخبير الاقتصادي غرناؤوط محمد المدير السابق ببنك الجزائر، إن البنك لم يتوان في تحذير السلطات المعنية، وعلى رأسها الحكومة، من استمرار الوضع الحالي الذي ينذر بانعكاسات خطيرة على أمن البلاد، في حال استمرار السياسة الاقتصادية الحالية القائمة على تشجيع الشركات الأجنبية على تصدير العملة الصعبة نحو الخارج في شكل فوائد ناتجة عن التسهيلات الممنوحة لها في إطار دعم الاستثمار أو تلك الناتجة عن الفارق في القدرة الشرائية، باعتبار أن كثيرا من الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر تنشط في قطاع المحروقات الذي يدر عليها أرباحا عالية جدا قابلة للتحويل إلى الخارج في أي لحظة،كونها محصلة بالدولار، كما أن نسبة الأرباح القابلة للتحويل تتجاوز 30 بالمائة، بالنظر إلى الربحية العالية لبعض قطاعات النشاط، لاسيما قطاع الخدمات والعقار. وأكد الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري، خلال الملتقى المنظم من قبل كنفدرالية إطارات المالية والمحاسبة حول إصلاح المنظومة المالية والنقدية في الجزائر، أن الجزائر ستعيش نفس الأزمة التي عصفت باقتصاديات بلدان جنوب شرق آسيا سنة 1997 والتي أعطبت اقتصادات النمور الأسيوية بمجرد أن بدأت الشركات متعددة الجنسيات في تحويل فوائد ضخمة من تلك البلدان نحو الخارج، ما دمر تلك البلدان بشكل كامل ودفعها للسقوط في أحضان الهيئات المالية الدولية التي فرضت على تلك الدول إجراءات تصحيحية خطيرة جدا لاتزال عواقبها الاجتماعية إلى اليوم، في كثير من دول جنوب آسيا. وقال عبد الحق لعميري إن الرقم الذي أشار إليه تقرير بنك الجزائر والمقدر حاليا بأزيد من 7 ملايير دولار سيرتفع خلال السنوات العشر القادمة، ما بين 50 و60 مليار دولار سنويا، وستكون عواقب تحويل تلك الفوائد إلى الخارج أخطر من وجود مديونية عند نفس المستوى على أساس أن المديونية قابلة للجدولة عند وقت الشدة. أما الأرباح، فهي أموال مستحقة الدفع كلما أراد أصحابها ذلك، والأخطر من ذلك أن الجزائريين سيصبحون مجرد عمال لدى الشركات الأجنبية، لأن الخوصصة تتم حاليا لصالح القطاع الخاص الوطني. وأرجع عبد الحق لعميري تفشي الظاهرة وتفاقمها خلال السنوات القادمة إلى النتائج الخطيرة جدا على الأمن الوطني التي ستفرزها عملية خوصصة الشركات العمومية الجزائرية لصالح الأجانب، حيث ستبدأ تلك الشركات في تحويل أرباح تفوق قيمتها قيمة الصادرات خارج المحروقات، بل ستكون في نفس مستوى صادرات الجزائر من المحروقات، ما سيجعل الحكومة عاجزة على ضمان الحد الأدنى للسير الحسن للآلة الاقتصادية الوطنية، وهو ما يدفع للسؤال حول الكيفية التي تتصرف بها الحكومة الحالية حيال احتياطات الصرف المتراكمة والتي تجاوزت 120 مليار دولار. وأوضح المتحدث أنه من غير المعقول أن نضع تلك الأموال في الخزينة الأمريكية مقابل فائدة لا تتجاوز 2 بالمائة، في الوقت الذي تقود الحكومة حملة شرسة لجلب الاستثمارات الدولية ومنح المستثمرين الأجانب تسهيلات جبائية وجمركية والسماح لهم بتحويل فوائد تصل إلى 30 بالمائة.