انتقد، الأحد، خبراء اقتصاديون، حصيلة عملية الخوصصة تحت إشراف شركات تسيير مساهمات الدولة التي وجدت نفسها مجرد إلكترونات حرة، لا حول لها ولا قوة، أمام ضبابية العملية والضغوط التي كانت تمارس من داخل الجزائر ومن خارجها من أجل توجيه العملية لصالح بعض الدول بعينها، أو إفراغها من محتواها على الأقل، موجهين التهمة بشكل مباشر لبعض اللوبيات الفرنسية القوية في الجزائر. وأكد الخبراء خلال ندوة نقاش حول حصيلة سياسات الخوصصة المنتهجة خلال السنوات الأخيرة في الجزائر بمقر يومية "المجاهد"، أنه يتحتم على الحكومة متابعة عملية خوصصة المؤسسات الكبرى عن قرب، من منطلق دورها التقليدي كمنظم وكمالك لرأس مال تلك المؤسسات، من أجل منع أي عملية تلاعب سواء في طريقة الخوصصة أو الأسلوب المنتهج. وقال رئيس المجلس الوطني الاستشاري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، زعيم بن ساسي، إن مسار الخوصصة تشوبه كثيرا من نقاط الظل سيما في شقه المتعلق بخوصصة المؤسسات الكبرى المسماة بالاستراتيجية، مضيفا أن هناك "ثقوب سوداء" شابت عمليات الخوصصة، بالإضافة إلى عدم تحديد الحكومة لما تريده من العملية يقول الخبير المالي رضا عمراني. وأوضح بن ساسي، أن الحالات التي يفترض أن تقبل الحكومة إشراك الأجانب فيها هي تلك المتعلقة بجلب تقنيات حديثة، من أجل الحد من تهريب الثروات إلى الخارج في شكل عمليات تحويل الأرباح، مشيرا إلى أن السياسة المنتهجة حاليا في الجزائر بينت أننا لا نعمل ونأمل أن لا يعمل الآخرون مثلنا، مشيرا إلى الدراسة التي تنجز في المغرب لتطوير منطقة وجدة في المجالات السياحية والصناعية، في الوقت الذي عجزنا نحن يقول المتحدث عن تطوير ميناء جنجن الذي يمكن أن يصبح ميناء ضخما في البحر المتوسط. ودعا بن ساسي، إلى إشراك المفتشية العامة للمالية في عملية مراقبة المؤسسات المعروضة للخوصصة كون محافظي الحسابات الموجودين على مستوى تلك الشركات تم تعيينهم من طرف الرؤساء المديرين العامين لتلك الشركات، وفي هذه الحالة، لا يمكن مطالبتهم بالمستحيل، مشيرا إلى أن تلك الوضعية كانت من الأسباب المباشرة في فشل عملية الخوصصة عن طريق البورصة، كما كانت سببا في انسحاب عديد من الشركاء الأجانب بمجرد إطلاعهم على نتائج التحقيق المنجز داخليا من قبل تلك الشركات. ورفض الخبير المالي، محمد غرناؤوط، مبررات بن ساسي، قائلا إنه يفضل تسريع العملية، لأن المؤسسات التابعة للقطاع العام استهلكت 50 مليار دولار في شكل مساعدات وعمليات تطهير مالي من دون أي نتيجة تذكر، كما تستفيد من دعم سنوي في حدود 5 ملايير دولار، وهو ما يعادل إنجاز 500 ألف مسكن، حيث لم ينعكس ذلك على نسبة النمو السنوي رغم الدعم القوي الذي تلقاه مؤسسات القطاع العام من خزينة الدولة، متسائلا: ماذا نعمل بشركات أصبحت عبئا واضحا على المجموعة الوطنية، مضيفا أنه على الرغم من الضجيج الذي صاحب العملية، إلا أن النتائج التي تحققت كانت متواضعة جدا ولم يتجاوز عدد المؤسسات التي تم خوصصتها 113 مؤسسة سنة 2005 و116 مؤسسة سنة 2006 ليتراجع الرقم إلى 110 السنة الفارطة، قبل أن يعاد النظر في دور شركات تسيير مساهمات الدولة من أساسها بعد إعادة إلحاق كل شركة بالوزارة التابعة لها، وكأن الدولة تريد العودة إلى الاستثمار بعد أن برهنت أنها مستثمر فاشل، وغير قادر على جلب الاستثمارات الأجنبية التي لم نرها تتدافع على مطاراتنا وموانئنا. وأوضح الخبير الاقتصادي، مالك سراي، أن الوضعية الحالية كانت منتظرة منذ البداية بعد تكليف بيروقراطيين بالعملية، يعرفون واشنطن وباريس أكثر من معرفتهم لدائرة عين ولمان، إضافة إلى تسييرهم للملف بطريقة غامضة جدا.