باراك حسين أوباما أعطى أوامره للجيش الأمريكي بقتل القراصنة في الصومال، لأنهم اختطفوا قبطانا أمريكيا، وهو بذلك يؤكد استمرار غطرسة الإمبراطورية * التي تسلّم مقاليد الحكم فيها قبل أسابيع، وحسين أوباما هنا بالمناسبة يشبه تماما حسين عيديد، أحد كبار رؤوس الفتنة والحرب الأهلية بالبلد الممزق منذ أكثر من عقدين، فهو أيضا مارس نفس سلطة تشريع القتل، وإن كان في مقديشو فقط، وليس في كل العالم مثلما فعل بوش مثلا؟! * * الفرق بين حسين أوباما اليوم، وحسين عيديد بالأمس أو بينه وبين زعيم القراصنة اليوم، هو أن الرئيس الأمريكي يملك بيتا أبيض يحميه، في حين أنّ للصوماليين بيوتا سوداء ملطخة بالدماء وموزعة على أرضهم المشتتة منذ سنوات، ولأوباما أيضا مؤسسات يحتمي بها، أما الصوماليون فلم يجدوا إلا أعداءهم القدامى، وهم الإثيوبيين للاحتماء بعسكرهم.. تلك هي الفوارق، ودعكم من أصل أوباما الإفريقي، فتلك مجرد خرافة للاستهلاك في زمن الإعلام الفضائي المكتسح للبيوت والعقول؟! * * القراصنة في الصومال يمارسون باطلا أخلاقيا أريد به حق سياسي، في حين أن واشنطن تمارس القرصنة وتغتصب الحقوق وتباهي بالباطل في العراق، وأفغانستان، وفي الصومال، وغوانتنامو.. وفي دول ومناطق أخرى؟! * * الصوماليون لم يفعلوا شيئا إلا أنهم ملأوا فراغ الدولة بإنشاء جماعات القراصنة، في حين أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أفرغت العراق وأفغانستان من مؤسسات الدولة لتنصّب فيهما القراصنة حكاما، فهل يمكن في يوم ما، أن تتغير المعطيات، لنجد مبعوثا أمريكيا رسميا يتفاوض مع جماعات القراصنة في الصومال، على الحكم وشؤونه برا وبحرا وجوا؟! الوقائع علمتنا أن السياسة فن الممكن والمستحيل معا، طالما اقترنت بالمصلحة وخدمت الأقوى، ومصلحة أمريكا والغرب عموما مع الأقوى، وليس في دولة المحاكم الإسلامية العاجزة حتى عن حماية القصر الرئاسي من صواريخ المتمردين. وهنا تبرز المفارقة، بين الغرب الذي يحترم القراصنة، لأنه يخاف بطشهم، ويقلل من هيبة المحاكم لأنه يدرك ضعفها؟! * * البقاء للأقوى، ذلك هو قانون الغاب منذ أمد بعيد، وهو أيضا قانون القراصنة في البحر، والغريب أنه يمثل أيضا القانون السائد بمركز قيادة العالم في واشنطن، وقد يكون ممهدا لشرعنة سلوك القرصنة في الصومال طالما اختار هؤلاء ضحاياهم بعناية، وسبيلا لإنشاء بيت أبيض جديد ومنطقة خضراء في مقديشو بعد تلك التي في بغداد، وكابل، ورام الله؟!