مدلسي الى جانب برنارد كوشنير صعّدت الجزائر من لجهتها تجاه فرنسا قبل زيارة الدولة التي ينتظر أن يقوم بها الرئيس بوتفليقة لباريس الشهر المقبل تلبية لدعوة من نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، بشكل يوحي بأن في الأمر علاقة بهروب ساسة باريس للأمام بخصوص جرائم الماضي الاستعماري. * فقد أعلن وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أن الجزائر مترددة في التعاطي بالشكل المطلوب مع مشروع الاتحاد من أجل المتوسط الذي أطلقه الرجل الأول في الإليزي العام المنصرم، ويسعى من خلاله لبناء شراكة مميزة بين دول الضفة الشمالية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، بوصاية فرنسية. * مدلسي وفي تصريح صحفي قال إن "الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة لا يشجع على استئناف المباحثات داخل الاتحاد من أجل المتوسط"، في الوقت الذي يبحث الطرف الفرنسي عن إعطاء دفع قوي لهذا المشروع الذي أرسيت قواعده في جويلية من العام المنصرم، غير أنه لا زال يعاني من جمود كبير. * وتابع مدلسي "لقد شكل اجتماعنا مؤخرا في إطار مجموعة خمسة زائد خمسة في قرطبة بإسبانيا، التطرق لعدة مسائل وضمنها بالخصوص موضوع الاتحاد من أجل المتوسط من زاوية سياسية تميزت بالخصوص بالعدوان الإسرائيلي على غزة، والذي لا يشجع بالتأكيد على استئناف المباحثات قبل أن تتضح الكثير من الأمور". * وأضاف "أعتقد أن هذا التوجه تم تأكيده نوعا ما من خلال موقف وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أنفسهم، الذين أعربوا عن رغبتهم في مثل هذا التوضيح قبل استئناف المفاوضات مع البلد المعتدي ممثلا في إسرائيل". * وشدد الوزير على أن قضية غزة لا تزال إلى غاية اليوم في صلب اهتماماتنا وهذا شعور تشترك فيه كافة البلدان التي شاركت في الاجتماع الأخير لمجموعة خمسة زائد خمسة "في 21 أفريل الماضي"، والذي شاركت فيه الجزائر إلى جانب كل من المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا عن الضفة الجنوبية، وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال ومالطا عن الضفة الشمالية لحوض المتوسط الغربي. * وتأمل السلطات الفرنسية في أن تلعب الجزائر بحكم حجمها وإمكانياتها دورا مفتاحيا في مشروع ساركوزي من أجل رفع الجمود عنه، غير أن الجزائر تبحث عن تنازلات من الطرف الفرنسي، مقابل التعاطي بالشكل المطلوب مع المشروع المعطل، سيما في ما تعلق بمشاكل الذاكرة العالقة بين الطرفين، وهي القضية التي عادت إلى الواجهة بشكل غير مسبوق منذ سنة 2003، عندما وافقت الأغلبية اليمينية في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) المنتمية لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (يرأسه حاليا ساركوزي) على مشروع هذا القانون الذي أعطى مسحة إيجابية للجرائم الاستعمارية في المستعمرات السابقة. * وتزامن تصريح وزير الخارجية الجزائري مع قرار صادر عن الاتحاد المتوسطي أول أمس الخميس، بإنشاء صندوق "أنفراميد" لتمويل مشاريع أوروبية متوسطية بقيمة ملياري أورو لتنفيذ مشاريع تنموية تتويجا لاجتماع غير رسمي عقد الأسبوع الماضي في بروكسل كلف فرنسا ومصر تفعيل الاتحاد الإعداد لاستئناف الحوار السياسي، وهو الإجراء الذي رحب به المسؤول عن بعثة الاتحاد من أجل المتوسط الفرنسية وصاحب فكرة المشروع هنري غينو، واعتبره "رسالة تفاؤل". وتعتبر مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي عادت للتنسيق مع فرنسا لبعث مشروع ساركوزي، على خلاف بقية الدول العربية وفي مقدمتها الجزائر، التي لا زالت لم تغفر لفرنسا موقفها المنحاز بل والمؤيد للدولة العبرية خلال العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة شهري ديسمبر وجانفي الأخيرين.