تصوير علاء الدين بويموت كشفت الهبّة التضامنية والتشجيعية والأعراس والأفراح التي أقيمت إحتفاء بالنصر الذي حققه أشبال رابح سعدان في المباراة الكروية التي جمعت المنتخب الوطني الجزائري بنظيره المصري أمس الأول، برسم التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وأمم إفريقيا، أن الرياضة وكرة القدم تحديدا، بإمكانها أن تفعل في الجزائر ما عجزت عن فعله السياسات المتعاقبة منذ الاستقلال. * وتنتج ما لم تنتجه كل البرامج الإنمائية، فصور الوطنية بأسمى معانيها التي صنعها الجزائريون، ولوحات الاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن التي سارع هؤلاء لرسمها بولايات الجمهورية ال48، والاستماتة التي أبدتها مختلف فئات المجتمع بالتفافها حول الفريق الوطني، ومناصرته قبل وخلال وبعد المباراة، أظهرت أن الكرة المستديرة، هي خير أداة لتحقيق الإصلاح والمصالحة. * فكل من عايش تحضيرات المنتخب الجزائري قبيل لقائه الفريق المصري، يقف على التفاف الجزائريين بفريقهم، واستعدادهم "الإستشهاد" نظير الفوز فليس من سبيل الصدف أن يؤكد اللاعب الدولي كريم زياني وسط ميدان الخضر أنه سيلعب برجل واحدة إذا أعاقته إصابته عن اللعب برجلين دفاعا عن الراية الوطنية، كما أن نفاد تذاكر الدخول لملعب مصطفى تشاكر قبل ثلاثة أيام من موعد المباراة، أظهر عزم المناصرين على الوقوف إلى جانب فريقهم طيلة 90 دقيقة، حتى السكون الذي خيم على العاصمة وكل الولايات المجاورة لها في مقابل الجماهير الغفيرة التي صبت في مدينة البليدة، رافعين راية واحدة وملتفين حول هدف واحد، يتضرعون الى الله راجين الفوز بلسان واحد، الخروج غير المعهود والليلة البيضاء التي قضاها كل الجزائريين ، إحتفاء بالنصر المحقق، وتوشح مئات الآلاف من الشباب للراية الوطنية ووقوفهم تبجيلا للنشيد الوطني، كلها مؤشرات حقيقية وواقعية أبانت أن الكرة المستديرة هي أكبر حزب في الجزائر، وأول قوة سياسية من دون منازع يمكن التعويل عليها لتجنيد القواعد الشعبية، وأحسن دواء وترياق للعديد من الظواهر الاجتماعية الدخيلة. * ما فعله، أمس، الخضر، بإرجاعهم الابتسامة، لشعب فقدها منذ مدة، وتفاعل الجماهير التاريخي، مع الثلاثية التي سحقت غرور الفراعنة، بإقامة الأفراح و"الليالي الملاح" استطاع فيها المنتخب الوطني أن يكون "الشهرزاد" التي روضت جموح "شهريار" الجماهير، تفاعل الجزائريين أسقط القناع عن أوجه السياسيين، وفضح الساحة السياسية ووقف عند عجزها عندما أثبتت الكرة بالحجة والدليل عقمها، وعدم جدوى التعددية، مادامت هذه الساحة التي تحضن قرابة 40 حزبا سياسيا معتمدا من قبل الداخلية، ومرخصا له بالنشاط لنشر مبادئه وزرع أفكاره وتجنيد وعاءات لإسناده، يؤكد في كل مناسبة من المناسبات أنه لا يستطيع كسر جمود الشارع ولامبالاته. * فالحكومة بكل وزرائها مجتمعين من دون استثناء، وأحزاب التحالف وحاشيتهم وأتباعهم من "طامحين" و"طماعين"، وكذا التشكيلات الأخرى بمختلف ألوانها المعارضة وغير المعارضة، لن تتمكن من فعل ربع ما فعلته الكرة في توحيد الصف، وإعلاء كلمة الوطن، وتحقيق اللحمة الوطنية المفقودة، وهنا سؤالنا نوجهه لوزارة الداخلية، ما جدوى اعتماد الأحزاب إذا كانت مفلسة؟ وما الداعي لتمويلها من الخزينة العمومية إذا كانت عاجزة عن إقناع الشاب عن الإقلاع عن "الحرڤة"؟ وما دواعي وجودها إذا كانت لا تجيد ممارسة فنيات "جر" الناخب الى صناديق الانتخاب؟ وما يمكن أن يترقبه الشعب من هذه الأحزاب؟ ولنا في نسب المشاركة الضئيلة في تشريعيات ومحليات 2007 جواب شاف واف. * كل البرامج التنموية التي أعلنها الجهاز التنفيذي، ومجموع البرامج التربوية التي أضعفت قدرة استيعاب التلاميذ، وحتى الوعود السياسية المناسباتية لم تستطع أن تقنع الشاب البطال اليائس من توشح الراية الوطنية وهو الحالم بالعيش ما وراء البحر ولو بركوب الخطر، كل البرامج المعتمدة لم تتمكن من نسج علاقة تواصلية بين الشباب والسلطة، غير أن الكرة استطاعت أن تفعل ما لم تفعله الحكومة والأحزاب والجمعيات وهي مجتمعة بالشارع الجزائري، فهل للسلطات الرسمية أن تستثمر في مجال الكرة والرياضة لتحقيق الإصلاح والمصالحة، لأن الحديث عن الرياضة يعني بالضرورة الاعتراف بقدرة الشباب والتعويل عليه كرأس مال دائم وغير قابل للتنازل أو التفاوض