تقوم عصابات منظمة متخصصة في تزوير العملة الوطنية بتجنيد شابات وأطفال لترويج الأموال المزورة من فئة 1000 دج و"صرفها" في محلات بيع المواد الغذائية وأكشاك وطاولات بيع السجائر ومحطات الوقود خاصة على مستوى القرى والمناطق النائية لعدم إثارة شكوك التجار، وتشتغل مصالح الدرك الوطني على تحديد المخبر الذي تجري فيه عملية تزوير العملة الوطنية بطريقة جد محترفة، حيث يصعب على أجهزة الكشف عن التزوير عن تحديد الأوراق المالية المزورة. * * وتؤكد هذه القضايا المخاطر التي تترتب عن استخدام التطور التكنولوجي السلبي في ظل تسجيل تفاقم جرائم التزوير لتتحول الجزائر الى بلاد غير "آمنة" في ظل بروز شبكات إجرامية متخصصة ومحترفة في تزوير العملة والسيارات والوثائق وتوصلت التحقيقات الأمنية الى وجود صلة وتنسيق بينها وبين عصابات الاتجار بالمخدرات والجماعات الإرهابية. * وكانت المجموعة الولائية للدرك الوطني لولاية غليزان الأسبوع الماضي قد ضبطت مروجين للعملة الوطنية المزورة من فئة 1000 دج، وتوصلت الى تحديد طريقة نشاط الشبكات المتخصصة في تزوير العملة الوطنية التي أصبحت "توظف" نساء لصرف هذه الأموال المزورة. * وعرض الرائد فاروق مزارشي، رئيس أركان المجموعة الولائية للدرك الوطني بولاية غليزان ل"الشروق" خلال لقاء معه نهاية الأسبوع الماضي تفاصيل هذه القضية التي جاءت على خلفية بلاغ قدمه مواطن للفرقة الإقليمية للدرك الوطني لمنداس بعد تسجيل فرار سيارة بسرعة مفرطة على مستوى الطريق الوطني رقم 23 الرابط بين تيارتوغليزان. واعتقد المواطن أن الأمر يتعلق بسرقة سيارة قبل أن يتوصل قائد فرقة الدرك الذي تنقل الى عين المكان الى أن الأمر يتعلق بعملة مزورة استنادا الى شهادة صاحب محل لبيع المواد الغذائية الذي أفاد أن شابة في العشرين من عمرها اشترت في حدود الساعة الرابعة بعد الزوال من المحل قارورة زيت بورقة مالية ذات فئة 1000دج، قام بصرفها لها لتتجه بعدها الى كشك على بعد أمتار ومنحته أيضا 1000 دج لشراء غاسول شعر مما أثار شكوكه وعندما حاول ملاحقتها، قامت بالفرار على متن سيارة من نوع "ميڤان". * * قارورة زيت وغاسول شعر وعلبة سجائر لصرف الأموال المزورة * وبناء على ذلك، تم إعلام جميع الوحدات التي قامت بنصب حواجز ونقاط مراقبة وجندت دوريات، وتم ضبط السيارة على بعد أمتار من الحاجز الأمني التابع للفرقة الإقليمية للدرك بواد جمعة وسارع السائق الى الدوران وحاول صدم دركي في الطريق، كما رفض الامتثال لإشارات التوقف النظامية مما اضطر رجال الدرك لإطلاق النار باتجاه العجلات لتتوقف على بعد 150متر . * وتمكن السائق ورفيقه من الفرار بينما تم توقيف الفتاة، ويتعلق الأمر بالمدعوة "ب.ز" التي تعمل موظفة في إطار الشبكة الإجتماعية بالمحافظة العقارية بغليزان وهي عازبة في 22 من عمرها، وأسفرت عملية تفتيش السيارة على حجز مبلغ مالي قدره المحققون ب54 ألف دج من فئة 1000 دج مزورة إضافة الى مبلغ مالي قدر ب16 مليون سنتيم سليمة توصل المحققون في القضية الى أنها من "عائدات صرف الأموال المزورة"، حيث عثر الدركيون داخل السيارة على 18 علبة سجائر مالبورو ولا يستبعد أنه تم شراؤها من محلات مختلفة لصرف الأوراق المزورة إضافة الى خنجر كبير الحجم. * واعترفت الفتاة أنها على علاقة بأحد الشابين الفارين وانطلقت في نفس اليوم معه رفقة الشاب الثاني الذي تجهل هويته على متن سيارة من نوع "ميڤان" مرقمة بولاية الشلف من غليزان باتجاه العديد من القرى خاصة قرية "كناندة" و"زمورة"، حيث قامت بصرف أوراق مالية من فئة 200دج و1000دج، وتوصلت التحريات الى تحديد هوية مرافقها المدعو "ط.د.م" من مواليد 1975 ولديه "رصيد" إجرامي كبير حيث يوجد محل أمر بالقبض صدر عن محكمة تيغنيف بمعسكر من أجل جناية تكوين جعاعة أشرار، كما يوجد محل بحث بتهمة السرقة الموصوفة وتكوين جماعة أشرار والضرب والجرح العمدي إضافة الى أنه محل حكم غيابي بشهرين حبسا موقوف النفاذ من أجل عدم الامتثال لإنذار التوقف من طرف مصالح أمن دائرة قديل بوهران. * * العصابات تستهدف القرى والدواوير لأن سكانها "نوايا" * وأضاف الرائد مزارشي، أنه تم أخذ عينة من الأوراق النقدية الى المخبر الجهوي للشرطة بوهران، حيث ثبت أنها مزورة، وحددت التحريات التي قامت بها مصالح الدرك الوطني على الأوراق المحجوزة نقاطا عديدة من التزوير أهمها أنها 17 ورقة تحمل رقما تسلسليا واحدا مقابل 37 ورقة تحمل أيضا نفس الرقم التسلسلي. * ولا يزال التحقيق جاريا لتحديد هوية الشبكة المختصة في التزوير وأيضا المخبر الذي تجري فيه العملية الإجرامية باحترافية كبيرة، حيث لا يمكن لكواشف البنوك ضبط التزوير. وتعد هذه القضية الثالثة من نوعها على مستوى ولاية غليزان في مجال تزوير العملة الوطنية أهمها تتعلق بتسريب أوراق مالية مزورة في سوق المواشي. * ويقول المحققون الذين يشتغلون على هذا النوع من القضايا، إن العصابات الإجرامية المختصة في تزوير العملة المزورة تسعى لترويجها في أسواق المواشي والسيارات، حيث تكون المبالغ كبيرة ويتم تسريب الأوراق المالية وسطها. * وكانت المجموعة الولائية للدرك الوطني لولاية مستغانم، قد تمكنت من حجز 630 مليون سنتيم مزورة في قضية تزوير سيارات، حيث تم استرجاع 14 سيارة وتفكيك الشبكة التي كانت تقوم بتزوير السيارات والعملة الوطنية، وكانت تستثمر الأموال المزورة في شراء سيارات وإعادة بيعها بأموال سليمة قبل الإطاحة بها، وتعد أبرز قضية تمت معالجتها على مستوى الغرب الجزائري تتعلق بتفكيك شبكة نافذة من طرف المجموعة الولائية للدرك الوطني بعين تموشنت، حيث توصلت التحريات الى أن أفرادها كانوا يقومون ب"تبييض" الأموال المزورة في صرف العملة الصعبة وتذهب التحقيقات الأولية في اتجاه شراء الأوراق السليمة من الخارج وبالضبط من فرنسا ب4 يورو، حيث تجري التحريات "على أعلى مستوى" في ظل توفر معطيات عن وجود شبكة دولية تغرق السوق الجزائرية بالعملة المزورة التي لا يمكن ضبطها بالعين المجردة. * وتشير الإحصائيات المتوفرة لدى "الشروق" الى أن ظاهرة تزوير العملة الوطنية مست 21 ولاية شرق وغرب ووسط البلاد أهمها المسيلة، المدية، واد سوف، عين تموشنت، تلمسان، وهران، العاصمة، تمنرا ست، البيض، تبسة مما يشير الى أن نشاط هذه العصابات لا ينحصر في منطقة دون أخرى، وإذا كانت التحقيقات الأولية تشير الى وجود "ورشة" غرب البلاد نظرا للمحجوزات الكبيرة إلا أن ذلك يؤكد وجود شبكات "دعم وإسناد" في مختلف ولايات الوطن. وبلغة الأرقام، تم حجز أكثر من 1.2 مليار سنتيم من العملة الوطنية المزورة من فئة 200 و500 و1000دج.