فرنسا رحلت آلاف الجزائريين إلى كاليدونيا كسياسة لتهجير الشعب وصل صبيحة الأحد إلى ميناء دلس بولاية بومرداس اليخت الشراعي الذي حمل ابن الجزائر والفرنسي الأصل جلبير بونبارديلا الذي كان حبه للجزائريين أثناء الإستعمار مصدر إزعاج فرنسا.. * * بعدما لم يستطع العيش في فرنسا لما تذكره من جرائمها في بلد المليون والنصف مليون شهيد، فقرر المغادرة نحو كاليدونيا الجديدة. غير أن حبه للجزائر أعاده بعد خمسين عاما في رحلة عبر العالم عن طريق يخت شراعي الشروق التقت به وكان معه هذا الحوار. * * كيف كانت رحلتك من كاليدونيا الجديدة إلى غاية الجزائر؟ * ** اقترح عليّ صديقي شارلي أن نقوم برحلة عبر العالم بواسطة يخته الشراعي، الفكرة لم تكن لتروقني لو لم تكن تمر على الجزائر لأنها غايتي المقصودة من كل الرحلة. * * ما هي الرسالة التي حملتموها معكم للجزائر؟ * ** فعلا فقد حملت معي رسالة للجزائريين الذين يعيشون في كاليدونيا الجديدة ولكل محبي الجزائر عبر العالم، مفادها أن الجزائر ليست حفرة جحيم، كما يصوّر عنها ويروّج لها في الخارج. * * من يروّج لهذه الإشاعات وكيف؟ * ** منذ مدة والألاف من محبي الجزائر بكاليدونيا الجديدة يتلقون أخبارا مفادها أنهم مستهدفون في الجزائر لترهيبهم ومنعهم من المجيء إلى هنا، أنا شخصيا لم أقتنع بتلك الإشاعات فعزمت أن أكسر هذا الحاجز من الخوف وأقوم برحلة بحرية إلى الجزائر لأثبت لكل من يروّج لهذه الإشاعات أن الجزائر ليست حفرة جحيم إنما بلد حبّ وسلام. * لست أدري من يروج لهذا بالضبط، لكن أنا متأكد أن هذه الإشاعات مرتبطة بالاستعمار الفرنسي، لأنها تستهدف المغتربين من الجزائر الذين يتوقون للعودة إليها، فهناك مخطط كبير ينفذ بهذه المنطقة التي تضمّ الألاف من محبي الجزائر لبناء صورة سلبية عن الوطن، والحيلولة دون عودتهم أو زيارة الجزائر، ولعلّ ذلك يهدف إلى فصل التاريخ عن بعض المجاهدين الذين بقوا في الجزائر وقدموا شهاداتهم، وبين المغتربين والمنفيين بكاليدونيا الجديدة، لإبقاء تاريخ الجزائر ناقصا، وعدم تدعيمه بشهادات أخرى عن جرائم فرنسا الإستعمارية بالجزائر. * * معروف عن عائلتك تقربها الكبير من الجزائريين أثناء الإستعمار، ما لم يعجب الإدارة الفرنسية، ماذا كان موقفها من ذلك، وهل هي التي نفتك إلى كاليدونيا الجديدة؟ * ** لم أندم يوما ولا عائلتي عن حبنا للجزائريين، فهم أناس محبين ويستحقون الإحسان، أما فرنسا فكانت تتعامل معهم دون ضمير، ومارست جرائم مخزية، جعلني أتنكر لها قبل أن تتنكر هي لي، بعد خروجي من الجزائر سنة 1964، لم تنفني فرنسا بل أنا لم أستطع العيش هناك فاتجهت إلى كاليدونيا الجديدة، أين يعيش العديد من الجزائريين الذين أعرفهم، لكن فرنسا لم تتوان في معاقبتي، فحينما بدأت إجراءات تكوين ملف التقاعد لزوجتي الفرنسية، رفضت فرنسا مساعدتي، ولم تقدم لي أية وثيقة، تعبيرا عن غيضها من مواقفي إزاء الجزائر والجزائريين، فراسلت السلطات الجزائرية لتزويدي بالوثائق اللازمة، باعتبار أن زوجتي عاشت في الجزائر أيضا، وقد زوّدتني الجزائر بكل الوثائق المطلوبة في أسرع وقت، وهو ما جعلني أتأكد من صواب حبّي لهذا الوطن الذي لا يتنكّر للأوفياء. * * مع هذا الحنين للجزائر هل بقي قلبك متعلقا بها طول هذه المدة؟ * ** لم أنس يوما بلدي الجزائر، وكان قلبي متعلقا دائما بها ودفعني حنيني لأدحض كل الإشاعات المغرضة عنها من خلال هذه الرحلة. كنت دائما أتابع أخبار الجزائر عامة عبر القنوات الفضائية، وأخبار مدينة دلس مسقط رأسي عن طريق الموقع الإلكتروني المتخصص www.dellysnet.org لصاحبه عبد اللالي رابح الذي نسّق معي لدخول الجزائر وإنجاح رحلتي. كنت متيقنا أنني سأعود يوما للجزائر قبل أن أموت، وأتمنى أن أدفن فيها بجانب والدي.