ويذكر مرسلي أنه في إحدى المرات وبينما كان عائدا إلى البيت منهك القوى بعد تدريب شاق جرى خلاله نحو 20 كلم في أجواء ممطرة وباردة، بادرته والدته بسؤال عفوي:"لماذا هذه الحالة عليك.. تعبت روحك وتعبتني معاك، ولا أرى فائدة ترجى من هذا الجري؟". * ولم يجد مرسلي، وهو في الثالثة عشر من العمر، إلا أن يجيبها بلطف وأدب محاولا إقناعها:" سيأتي يوم تدركين فيه يا أمي قيمة هذه الرياضة". * ويشدد: "أنا، اليوم مقتنع، أكثر من أي وقت مضى، بأن وراء كل رجل امرأة فعلا، ووراء نجاحاتي والدتي يرحمها الله.. بصبرها علي وتشجيعها الدائم ". * ورغم كل هذا التشجيع والرعاية العائلية، إلا أن الطريق لم تكن مفروشة بالورود أمام مرسلي الفتى وهو يحقق الانتصار تلو الآخر. فالعراقيل كثيرة والمعوقات أكبر، ولو كان بدله آخر لتوقف في أول المشوار، وودع عالم التعب والإعياء والمعوقات. * يذكر مرسلي، مثلا، أنه يوم سباق البطولة الوطنية (أشبال)، الذي أقيم بمدينة تيزي وزو عام 1986، وهو في السادسة عشر من عمره، تسمر بالشارع الرئيسي بمدينة تنس من الثالثة فجرا حتى السابعة صباحا انتظارا للحافلة التي كانت ستقله، وزملاءه، إلى مدينة تيزي وزو للمشاركة بالسباق تحت ألوان الإتحاد الرياضي لبلدية تنس. * كاد يتجمد بمكانه لشدة البرد والجو الماطر.. وكادت آماله بالمشاركة في السباق تخيب عندما أطل أحد الإداريين يخبره بأن الحافلة أصيبت بعطل ولا يمكن للفريق التنقل إلى تيزي وزو. * كادت أحلام البطل الصغير تضيع ومعها تضيع جهود وتضحيات أشهر من التدريبات والمران الشاق. فماذا يفعل؟ * فكر طويلا ثم اتصل، هاتفيا، بشقيقه عبد الرحمن المتواجد، رفقة فريق الأمن الوطني، بتيزي وزو. لكن الأخير لم يكن بوسعه فعل شيء سوى أن ينصح شقيقه الصغير بأن يتدبر حاله ويحاول بشتى الطرق الوصول إلى مدينة تيزي وزو وسيتدبر هو (عبد الرحمن) الأمر بعد ذلك. * وفعلا اهتدى مرسلي إلى فكرة الإعتماد على "الأوتوستوب autostop " للوصول إلى مدينة تيزي وزو، وهو ما تحقق لكن عند الثالثة زوالا ليقضي، رغم الإجهاد والإعياء، ليلتين متتاليتين في أحد حمامات المدينة قبل أن يرأف به شقيقه ويقوم بإيوائه رفقة عناصر المنتخب الوطني بإحدى ثانويات المدينة. * وفي يوم موعد السباق نجح مرسلي في إحراز ثلاث ميداليات ذهبية بعد تحطيم ثلاثة أرقام قياسية جزائرية في اختصاصات 800م و1500م و3000م في أكبر إنجاز يحققه شاب في مثل سنه.