بانحدارها إلى مستنقع الأنانية والقطرية الضيقة، على حساب المبادئ "التقليدية المزيفة" التي كانت تحرص على تصديرها إلى الدول العربية باعتبارها "البيغ برودر"، قررت الحكومة المصرية وبدون أدنى تفكير التضحية بمصالحها الإستراتيجية في الجزائر وربما في المنطقة المغاربية، بعدما فشلت بامتياز في إدارة لقاء في "كرة القدم" كان بطلاه الفريق القومي المصري ونظيره الجزائري، وليس الإسرائيلي. * الحكومة المصرية التي كانت وإلى الأمس القريب تتمتع بالاحترام الشديد من مختلف مكونات المجتمع الجزائري على المستويات الرسمية والشعبية، لم تعر أدنى اهتمام لذلك وضربت عرض الحائط بجميع الذي كان يجمع بين الشعبين المصري والجزائري، من أجل ماذا؟ من أجل جلد منفوخ ناسف لنقول إنه كشف عورة ذلك الذي كان العرب من بلاد شنقيط إلى بغداد الرشيد، يعتبرونه "أخا أكبر". * من المؤسف لنا أن تنكشف عورة "الأخ الأكبر" بهذه الكيفية المشينة، وخاصة عندما يتعلق الأكبر بالشعب الجزائري الذي لم يقصر يوما في حق مصر، ونقول هذا وبكل تواضع، أنها لم تتخلف يوما في دعم مصر وشعب مصر في أحلك الظروف، وهاهي اليوم نفس الجزائر تفتح ذراعيها للمصريين وتستقبلهم للعمل والإقامة والتجارة والاستثمار، حتى من غير المطالبة بتطبيق مبدأ دبلوماسي معروف وهو المعاملة بالمثل، أي تمكين الشركات الجزائرية من نفس الامتيازات، ورغم ذلك جاءت الجائزة من المصريين في مستوى الحب الذي كان يكنه الشعب الجزائري لمصر وشعب مصر، ولم يتأخروا في إسالة الدم الجزائري في قاهرة المعز، وظهر قصر النظر الذي يعانيه الذي كنا نعتبرهم كبارا وسارعوا إلى التضحية بمصالحهم الإستراتيجية في الجزائر بسبب مقابلة كرة قدم. * لنفرض جدلا أن الفريق المصري ذهب على المونديال وعاد بالكأس إلى القاهرة، هل سيكون ذلك أهم من الناحية الاستراتيجية بالمقارنة مع المصالح الحيوية المصرية في الجزائر؟ أعتقد جازما أن الطريقة التي تعاملت بها الحكومة المصرية واتحاد الكرة المصري وحتى المناصرين والإعلام المصري مع الجزائريين الذين انتقلوا إلى القاهرة، تكون قد خلفت جراحا عميقة لن تندمل بالسهولة التي كان يعتقدها بعض تجار الكلام المعسول، وأعتقد أن شداد الآفاق الذين يرون في العلاقة مع إسرائيل أهم لهم من الحفاظ على حد الكفاف الذي يحفظ ماء الوجه مع الشعب الجزائري، قد حققوا هدفهم ونقول لهم مبروك بالانجاز التاريخي الذي تحقق لهم بعد نجاحهم في معركة تحرير القاهرة من "الغزاة الجزائريين، الذين دخلوا مصر غير أمنين"!