بعد ركود الزوبعة الإعلامية وحرب التصريحات التي شنها الفنانون المصريون عبر القنوات الخاصة والرسمية، وبعد أن تفننوا في سب الشعب الجزائري تاريخا وشعبا ودولة وتحولنا بين ليلة وضحاها من بلد المليون ونصف المليون شهيد إلى بلد "المليون ونصف المليون لقيط"، عمد بعض تجار الفتنة إلى التراجع عن أقوالهم، ومنهم من قال إن تصريحاته كانت بسبب الغضب وكأن حملة السب والشتم ليست إلا مشهدا من فيلم أو فصلا من مسرحية أداها هؤلاء تحت الطلب. * ولعل تزامن حملة الدعوة إلى التهدئة التي تقودها أطراف مصرية رسمية وشعبية بعد أن اكتشفت أن حبل الكذب قصير وأن الحملة المصرية على الجزائر لم تخرج من أسوار قاهرة المعز، عمد الرئيس المصري أيضا لإطلاق خطابات التهدئة بعد أزيد من أسبوعين من الحملة الشرسة على الجزائر تزعمها نجلا الرئيس نفسه الذي اكتشف فجأة أن الجزائر "دولة عربية شقيقة" وهي التي لقبها ابنه ب "البربرية" وأخرجها من دائرة العروبة وكأن العربية والعروبة صك غفران مصري توزعه على من تشاء وتنزعه ممن تشاء. * أخيرا خرج بعض الفنانين ممن تفننوا في سب الجزائر شعبا وتاريخا ودولة في محاولة متأخرة لاستدراك ما يمكن استدراكه بعد أن تحرك مهماز البلاط الرئاسي، فأصبحت حصص السب والشتم على الهواء مجرد "تنفيس عن لحظات الغضب" وردا على "مرمدة الكرامة المصرية" المزعومة، وصرنا من جديد بلدا شقيقا وأختا صغرى للشقيقة الكبرى، غير أن الأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها أشقاؤنا هناك، لأن القضية اليوم لم تصبح قضية دولة ولكنها كرامة شعب لا يمكن أبدأ أن يتسامح تجاه إهانة مقدساته ورموزه، ولهذا الغرض تتجه الهيآت الثقافية الجزائرية لاستبعاد كل من سب الجزائر وانخرط في حملة العداء من التعامل معهم. * فقد أوضح مصدر مسؤول من وزارة الثقافة، رفض ذكر اسمه، أن "الوزارة لن تصدر أية تعليمات في هذا السياق، لأننا هيأة تابعة للدولة وموقفنا يتبلور طبقا لمواقف الدولة الجزائرية، ولكن بطبيعة الحال لا يمكن أبدا لمن سب الشهداء أن يعامل مثل باقي الذين لم ينخرطوا في هذه الحملة الشعواء". وطبقا لهذا فقد ترددت في الأوساط الثقافية مؤخرا أن جميع الهيآت سواء كانت فنية أو ثقافية تتجه لمعاملة الفنانين المصريين بالمثل "فإذا كنا لا نستطيع مقاطعة الشعب المصري الشقيق وكل المثقفين والفنانين الشرفاء الذين نأوا بأنفسهم عن الحملة الشعواء، فإن كل من سب الجزائر من يسرا (التي كان الشارع الجزائري يكن لها في السابق الكثير من الحب والاحترام استنادا للشخصيات التي أدتها على الشاشة) إلى أشرف زكي ممنوع من دخول الجزائر، ومستقبلا سيتعامل معهم بتحفظ في كافة المهرجانات والتظاهرات الثقافية التي ستعرفها الجزائر مستقبلا على حد قول أحد المقربين من مهرجان وهران. * هذا الأخير نفى في السياق ذاته أن تكون إدارة المهرجان قد تلقت حتى الآن أيا من الجوائز التي قيل إن الفنانين المصريين قد تنازلوا عنها، وحتى سفارتنا بالقاهرة لم تتلقى أي شيء حتى الآن، ما يعني أن كل الكلام الذي ردده الفنانون المصريون لا سند له دبلوماسيا وواقعيا ولا يعدو أن يكون معدا مسبقا للاستهلاك الإعلامي لاغير.