عندما كانت الحرب الإعلامية على أشدّها بين الجزائريين والمصريين عقب ما حدث في القاهرة وأم درمان السودانية، كانت دار نشر مصرية تعمل "تحت جنح الظلام" لسرقة جهد باحث جزائري أفنى سنوات من عمره لإتمام رسالة دكتوراه، وطبعتها مستغلّة انشغال الجزائريين بتداعيات الأحداث الكروية، بالرغم من أنّ الرسالة مطبوعة في خمسة مجلدات بالمملكة العربية السعودية، وهي متداولة في الأوساط العلمية بالنظر لأهميتها. * القصّة وما فيها أنّ الدكتور أحمد بن أحمد بن معمر شرشال، وهو من مواليد عين الترك بمليانة، قدّم رسالة دكتوراه بإحدى الجامعات السعودية قام فيها بتحقيق كتاب "مختصر التبيين لهجاء التنزيل" للإمام أبي داود سليمان بن نجاح، نال إثرها الدكتوراه بتقدير مرتبة الشرف الأولى، ولأهمية هذا البحث قام مجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالتعاون مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات بالرياض، بطبع هذا الكتاب بعد التحكيم، وكتب عليه مقدمة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف بالرياض، فصار الكتاب عمدة للباحثين ومصدرا مهمّا في القراءات والمصاحف. لكنّ الذي حدث لم يكن في الحسبان، حيث قامت دار الصحابة للتراث بطنطا في مصر، بالسطو عليه وسرقته، وطبعته في مجلدين وحذفت منه المقدمة والهوامش كلّها واستبدلتها بهوامش أخرى حتى لا تكتشف هذه السرقة وهذا السطو، وكتب القائمون على هذه الدار المصرية على غلاف الكتاب: "تحقيق الشيخ جمال الدين محمد شرف"، ويظهر واضحا التواطؤ المسبق للمؤلف مع صاحب دار النشر، والأغرب من ذلك أنّ هذه الدار المصرية كتبت دون حياء ولا خجل على غلاف الكتاب عبارة: "حقوق النشر محفوظة"، وربما كانت تقصد بذلك "حقوق السرقة".. * وفي رسالة إدانة كتبها صاحب الكتاب الأصلي بخط يده، وتحوز "الشروق اليومي" على نسخة منها، كتب الدكتور أحمد بن أحمد بن معمر شرشال "إنه من المؤسف والمحزن جدا أن نرى أعمال السطو والسرقات في مصر تطال الأعمال العلمية ورسائل الدكتوراه، هذا ما لا يقع مثله في العالم، فالناس يسرقون الأموال، وهؤلاء بلغت بهم السفاهة والسقوط أن يسرقوا الأعمال العلمية وينسبونها إلى أنفسهم، ثم يطبعونها ويبيعونها مع وضوح هذه السرقة التي لا تخفى على أحد". وأضاف الدكتور شرشال في رسالة الشجب والإدانة "إن هذا اعتداء آثم على الجهود العلمية التي بذلها صاحب الرسالة، وسطو على حقوق المحقق، وإهدار لقيمة الكتاب واستخفاف بمن قاموا مشكورين على نشر الكتاب، وسوف تلاحقهم يد العدالة أينما كانوا لفضحهم وكشف تزويرهم". * وعلى ذكر العدالة، فإنّ الدكتور شرشال عازم على رفع دعوى قضائية بالمحاكم السعودية المختصّة، لكونه يقيم ويدرّس بإحدى جامعات المملكة ضد هذه الدار المصرية من أجل استعادة حقوقه، وكشف هذه السرقة التي امتدّت إلى مجهود علمي أفنى فيه صاحبه سنوات العمر لتطوله يد السرقة الآثمة. * ولمن لا يعرف الدكتور شرشال، فإنّه حاصل على شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى شعبة القراءات بكلية القراءات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1993، وهو يدرّس منذ ذلك التاريخ بإحدى الجامعات السعودية، ومن مؤلفاته "دراسة وتحقيق لكتاب الطراز في شرح ضبط الخراز"، تحقيق كتاب أصول الضبط وكيفيته لأبي داوود سليمان بن نجاح، أصول التربية والتعليم كما رسمها القرآن الكريم، إضافة إلى مؤلفات أخرى والعديد من المقالات المنشورة في كثير من الدوريات المتخصّصة.