وقفت "الشروق اليومي" على عملية "إتلاف من نوع خاص للمال العام"، تشرف عليها المديرية العامة ل "دار النقد" التابعة لبنك الجزائر، حيث يتم فرم 10 ملايير سنتيم يوميا، بواسطة "ماكنة ثقب" خاصة وأجنبية الصنع، مستوردة من ألمانيا بالملايير... * ويقوم بهذه "العملية السرية" موظف خاص مهمته "فرم" الأوراق النقدية بواسطة آلة "فرم خاصة"، ويقوم موظف "الثقب الفرم" بإتلاف 120 رزمة من الأوراق النقدية يوميا، كل رزمة تضم 20 مليون سنتيم على شكل أوراق نقدية من فئة 200 دينار، وقد انطلقت عملية إتلاف الأوراق النقدية القديمة شهر ديسمبر الفارط، وتستمر حوالي 10 إلى 20 يوما في الشهر حسب كمية الأوراق النقدية الممزقة أو التالفة التي تصل لبنك الجزائر من البنوك ومراكز البريد. * وتشير المعلومات التي تحصلت عليها "الشروق اليومي" من موظفين يعملون في دار "النقد" التابعة لبنك الجزائر أنه يتم فرم 10 ملايير سنتيم يوميا من فئة 200 دينار، وهو ما معدله 3600 مليار سنتيم دينار يتم طحنها سنويا، وما يعادل كذلك 300 مليار سنتيم شهريا. * وقال موظفون للشروق اليومي إن "تمزيق الأوراق النقدية البالية يتم في الوقت الراهن عن طريق ثقبها بواسطة "آلة ثقب" يدوية تم استيرادها من ألمانيا، وثمنها يقدر بالملايير، وذلك بعد أن كانت عملية إتلاف النقود تتم منذ ثلاث سنوات من خلال طحنها بواسطة آلة طحن خاصة حديثة مجهزة بأحدث التقنيات تم استيرادها من ألمانيا كذلك بعدة ملايير، غير أن هذه الآلة لم تستعمل سوى لبضعة أشهر فقط ثم تم توقيف العمل بعد أن شاءت الصدف أن الموظف الذي تلقى تربصا خاصة في ألمانيا حول كيفية استعمال هذه الآلة توفي، ولا يوجد أحد غيره يتقن استعمالها، واضطرت دار النقد إلى الرجوع لاستعمال آلة الثقب اليدوية لإتلاف الأوراق النقدية المهترئة أو الممزقة. * وقالت مصادر من البنك للشروق اليومي إن "السيولة النقدية التي يستقبلها البنك وفروعه في المحافظات من إيرادات الجهات الحكومية وكذا إيداعات البنوك التجارية غير مصنفة بين نظيف وتالف، بل البنك المركزي هو الذي يتكفل بفرزها ويوجد على مستواه موظفون خاصون بالفرز، ويتحمل بنك الجزائر كافة الأعباء المترتبة على ذلك، حيث يقوم بشكل يومي بعملية العد والفرز اليدوي والآلي وفق قواعد وضوابط صارمة، يتم من خلالها تصنيف الأوراق التالفة أو المتسخة، الممزقة، والمهترئة نتيجة التداول. * ونظرا لانتشار "الدفع كاش" في الجزائر الذي يعتبر الغالب في المدفوعات والتسويات المالية السائدة في بلادنا، تضاعفت أشكال العبث الذي تتعرض لها الأوراق النقدية، مما ينتج عنه عدد هائل من الأوراق التالفة التي تصل يوميا إلى البنك المركزي وتتراوح قيمتها ما بين 7 إلى 10 ملايير يوميا، 95 بالمائة منها هي الأوراق النقدية من فئة 200 دينار، لتلقى مصيرها الأخير عن طريق الفرم والتفتيت بواسطة آلة خاصة بثقب الأوراق المالية لإبطال مفعولها، ويقوم البنك بطباعة أوراق مالية جديدة بدلا من الأوراق التي يتم إتلافها في الحال. * وفي هذا الصدد قال رئيس جمعية البنوك والمؤسسات المصرفية الجزائرية عبد الرحمن بن خالفة في اتصال مع الشروق اليومي "إن صك الأوراق النقدية أو إتلافها من أسرار الدولة الجزائرية، ولا يمكنه خوض الحديث في هذه المسألة"، وقال بن خالفة إن "الدخول إلى "دار النقد" أشبه بالدخول إلى "مقر النازا" من حيث الإجراءات الأمنية المشددة والقواعد الإحترازية المطبقة عند الدخول والخروج، وحتى على الموظفين العاملين في "دار النقد" أو في بنك الجزائر". * وأكد بن خالفة أن "كل المهام المتعلقة بطبع وسك العملة أو التخلص من العملة التالفة تتولاه "دار النقد"، وأنه رغم المنصب الذي يتقلده كرئيس لجمعية البنوك والمؤسسات المصرفية الجزائرية إلا أنه لا يعلم شيئا". * وقال بن خالفة "لا أستطيع الإدلاء بأي معلومات حول نوعية المادة الأولية التي تصنع منها الأوراق النقدية الجزائرية، إن كانت مادة البوليمر أم مادة الألياف القطنية لأن ذلك يعتبر كذلك سرا من أسرار الدولة"، مضيفا "كل تفاصيل عملية التخلص من الأوراق النقدية التالفة يعتبر سرا من أسرار الدولة". * وحول مصير النفايات الناتجة عن إتلاف الأوراق النقدية القديمة، هل يتم حرقها أم تعاد رسكلتها، قال بن خالفة إنه لا يعلم شيئا وأن عدد الأشخاص الذين يحوزون مثل هذه المعلومات يعدون على الأصابع"، ولتأكيد كل هذه الأرقام والمعلومات بشكل رسمي باءت كل محاولات الإتصال بمسؤولي دار النقد بالفشل.