واصل الوالي السابق بشير فريك شهادته في الجزء الثاني من حواره مع الإعلامي محمد يعقوبي لبرنامج الحلقة المفقودة على الشروق تي في، حيث عاد إلى رئاسيات 1995 وكيف طلب منه رسميا جمع التوقيعات لكل من نور الدّين بوكروح وسعيد سعدي من أجل "إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجزائر" على حسب قوله. بشير فريك بدا متفائلا من الرئاسيات التي تجرى اليوم، حيث أكّد أنّ أغلب أبواب التزوير والثغرات المؤدّية له قد سدّت قانونيا، إلا أنّه أكّد على المترشّحين بأن يضعوا مراقبين بحزم على كل مكاتب الاقتراع بما يمكّنهم من حراسة الأصوات وحساب النتائج قبل أن تعلن حتّى من الإدارة، مشدّدا على أنّ أكثر المشكلات التي كانت تفتح الباب للتزوير هي المحاضر بسبب عدم تقديمها، الأمر الذي انتهى اليوم وأصبحت تسلم، فالتزوير حسبه يبقى غاية في الصعوبة ما لم تكتشف طرق أخر له، داعيا إلى إبعاد الإدارة والقضاء عن الانتخابات، وكما أشار هنا إلى أنّ دور الولّاة لصالح مرشّح من المرشّحين إن حصل فقد يكون من النّاحية الجوارية قبل الانتخابات، أمّا عمليا فهو صعب على الأقل من ناحية الآليات القانونية. وعن موقف الولّاة إن جاءهم أمر من الرئاسة والحكومة، وآخر مناقض من المخابرات، فقال بأنّه في الأصل يكون هناك تكامل، لكن في ظل الصراع الأخير فإنّ الأمر يرجع إلى الولاّة ووزير الدّاخلية، فالأول ينظر إلى الأقوى، والثاني إذا كان صاحب قرار ويمكنه أن يحمي الولاّة فإنّهم سيذهبون معه وإن لم يكن ذلك فسيبحثون عن الحماية عند أماكن أخرى على حدّ قوله. أمّا أصوات الأجهزة الأمنية والجيش فاستبعد أن يتلاعب بها بعد أن أصبحوا ينتخبون خارج الثكنات. وروى بالتفصيل طريقة إجراء الاستفتاء على الدّستور سنة 1996 الذي أريد به "إرجاع الجزائر إلى الشرعية" بعد أربع سنوات من إيقاف المسار الانتخابي، مذكّرا بتعليمات وجّهت للولّاة من طرف وزير الدّاخلية حينها مصطفى بن منصور بأنّ الدّستور لابدّ له من المرور وهو ما وقع لولا أنّ "مزايدات" بعض الولّاة في التزوير برفع نسبة المشاركة إلى ما فوق 90 بالمائة وهو ما يناقض نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي كانت في حدود 60 بالمائة، ورغم اعترافه بأنّه كوال لوهران ضخّم النتيجة بشكل "عادي" إلى 70 بالمائة، إلا أنّ التعليمات جاءته من المسؤولين ومنهم قنديل بأنّ يخفّضها "حفاظا على سمعة الجزائر" فضلا عن أنّ "القائد وبّخهم" في إشارة لقائد الأركان أو المخابرات ما جعله يسارع إلى مجلس قضاء وهران في سبيل ذلك، في وقت قدّمت فيه النتائج قبل أن يتّصل به رئيس الحكومة أحمد أويحيى ويأمره بشكل استعلائي وتهديدي بأنّ يخفّض النسبة في ربع ساعة، الأمر الذي أشعره بالإهانة ما جعله يقرّر إبقاء النتيجة على حالها. وتحدّث عن الأسباب التي دفعت السلطة إلى تأسيس الأرندي وعدم التعويل على الأفلان، مرجّحا أن يكون ذلك بسبب "أخذها الدروس" عن الأفلان بعد تمرّد الأمين العام الأسبق عبد الحميد مهري عليها سواء ما تعلّق برفضه لوقف المسار الانتخابي إلى مشاركته في سانت ايجيديو ما جعلها تقرر إنشاء حزب يخدم سياساتها.. فالآفلان حسبه وإن كان حينها بقيادة بوعلام بن حمودة ليس مغضوبا عليه، إلا أنّه لم يكن مأمون الجانب في حال جاء قياديّ آخر على رأسه، ليذكر في هذا السياق كيف تشكّلت خليّة مشتركة بين الولاّة والدّاخلية للتنسيق من أجل تأسيس الأرندي بعد أن اتّخذ القرار من السلطات بذلك، ومن ذلك بدأت التعليمات السرّية التي شكّلوا بعدها المكاتب الولائية من حساسيات عدّة سواء الباتريوت أو المنظّمات المدنية أو اتّحاد النّساء وغيره، كما أنّ الولاّة هم من وضعوا القوائم الانتخابية إلا في وهران والعاصمة فقد جاءت أوامر بأن يضعوا فقط ما بعد الست مراكز الأولى. فريك قال بأنّ السلطة كانت تتخوّف من التيّار الإسلامي بحزبي النهضة وحمس، خاصّة بعد نتيجة ثلاث ملايين صوت التي تحصّل عليها محفوظ نحناح في الرئاسيات ما جعلها تعطي تعليمات ب"التزوير الشامل" في التشريعيات، وذكر هنا كيف أنّه في ولاية وهران قد تحصّلت حركة مجتمع السلم على 12 مقعدا قبل أن تضيع منها اثنان لأحزاب أخرى بسبب تشابه أسماء، ثمّ تأتي الأوامر بسلب 5 أخرى لصالح الأرندي ليتساوى معها في عدد المقاعد بعد أن تحصّل على مقعد ونصف لا أكثر، إلا أنّه نفى أن تكون قد جاءته أي تعليمات بعرقلة نجاح الأفلان ولكن التعليمات كانت واضحة في أنّ الأرندي هو من يجب أن يفوز، ليصف الولاة بأنّهم أصبحوا ولاّة للأرندي.. ثمّ عرّج إلى الانتخابات البلدية لسنة 1997 التي كانت أكثر تزويرا من التشريعية لصالح نفس الحزب، ولم يستغرب المتحدّث وقوف الولاة مع السلطة في التزوير ذلك أنّ من كان داخل السلطة لا يعرف إلا توجيهاتها وأنّها هي أعلم بمصلحة البلد، إلا أنّه لم يخف تأسّفه على ما حصل وأنّه لو عاد به الزمن لما كان ليفعل ذلك. وبخصوص رئاسيات 1999 فقد وصفها بأنّها "لا تختلف عن انتخابات زروال 1995"، إلا أنّ الأوامر لم تكن تأتيهم من الحكومة بقدر ما كانت تأتيهم من المؤسسة العسكرية، حيث مهّدوا الطريق لصالح المترشّح عبد العزيز بوتفليقة وكلّفوا بشيء من الحذر، ليذكر هنا كيف اتّصل به مدير حملة بوتفليقة الذي طلب منه مساعدة لمنصبه كوال وصديق لمساعدة المترشّح، كما أنّ وزير الدّاخلية حينها عبد المالك سلال اجتمع بالولاة سرّية وأعطاهم إيحاءات واضحة في سبيل أن ينجح بوتفليقة، أمّا عن التزوير المباشر يوم الاقتراع فقال أنّه بعد انسحاب الستّة لم يعد هناك دافع للتزوير، فضلا عن التهديدات المباشرة للولّاة التي جاءتهم من زروال إذا ما زوّروا، الأخير الذي فضّل إكمال انتخابات الرئاسة رغم الانسحابات واتّهم بالتزوير.