أعتقد وقد أكون مخطئا، أن الطبقة السياسية، سلطة ومعارضة، أحزابا وجمعيات ومنظمات، نخبة وإعلاما، مثقفين واقتصاديين، محللين وخبراء، كلهم وغيرهم، بحاجة إلى مناصرين أوفياء، يقفون معهم في الربح والخسارة، ويتضامنون معهم في النصر والهزيمة. لقد أثبتت الانتخابات المتعددة والمختلفة، أن مناصري أحزاب الموالاة والمعارضة، يتغيّرون، إمّا بالنقصان أو الزيادة، وفي الغالب بالانقراض، والسبب في كثير من الحالات، تأديب وعقاب هؤلاء القادة والوزراء والنواب والأميار، الذين وعدوا ولم يوفوا! صحيح أن المناصر الحقيقي وغير "المدغول"، يقف مع فريقه في السرّاء والضراء، ويؤازره رابحا أو خاسرا، لكن هذا الفريق مطالب أيضا من جانبه باحترام هذا المناصر وتمثيله أحسن تمثيل، وعدم إغفاله عندما يتحقق النصر ويشرع المنتصرون في جني الثمار! لا فرق بين لاعب الكرة الذي يقبض الملايين والملايير، بينما يبحث ذاك المناصر عمن يدفع له ثمن "كاسكروط" في الملاعب، وبين وزير أو نائب أو مير، ينشغل بمجرّد صعوده ب "ملء الشكارة" مغيّرا لأرقام هاتفه وعنوانه، ومغيّرا أيضا لقائمة أصدقائه وخلانه! مثل هذه التصرفات الحمقاء والبلهاء، هي التي فرقت شمل المناصرين، وفتت قوى "القواعد الخلفية" للفرق الرياضية والسياسية والاقتصادية والنخبوية والعلمية والتربوية، وحوّلتها إلى غثاء لا يُسمن ولا يُغني من جوع، طالما أن "كلّ طير يلغى بلغاه" وكلّ فم يبحث عن طعامه! لو اقتسم هؤلاء وأولئك "الغلّة" و"الغنيمة" مع المناصرين والمتضامنين، لما تشجّع الكثير من هؤلاء على الفرار أو الاستقالة أو الانسحاب أو عدم الاكتراث، ولكان للمناصرة معنى وجدوى وقيمة مضافة، بدل أن يختزلها منتفعون وانتهازيون في منطق "البروفيتاج"! قديما قالوا: "من عندي ومن عندك تنطبع ومن عندي برك تنقطع"، وهذه وحدها كافية لتضع النقاط على حروف علاقة دائمة ومضمونة بين فرق ومناصرين يضحون بالنفس والنفيس من أجل أن يربح "فريقهم" ويكسب نقاطا تنصره على غيره، سواء في منافسات رياضية، أم مباريات سياسية، أم مواجهات اقتصادية وعلمية!
من حقّ أيّ مناصر أن يسأل نفسه بالفم المليان: "وأنا واش اربحت؟".. وفعلا فإن هذا السؤال المحرج والمزعج، ينبغي على "المستفيد" أن يُجيب عنه بكلّ صراحة، حتى لا يضيّع المزيد من المناصرين الذين يُدافعون عن فريقهم بغض النظر عن الأشخاص وطريقة لعبهم!