أجمع وزراء سابقون وقانونيون وممثلو أحزاب سياسية على ضرورة حدوث "التوافق" بين السلطة والمعارضة من دون إقصاء، كمطلب جوهري يسبق تعديل الدستور، ما من شأنه -حسبهم- أن يتمخض عنه نص دستوري يحدد معالم دولة القانون والمؤسسات، ويجسد مبدأ تداول الأحزاب على السلطة. واعتبر المحامي والناشط الحقوقي مقران آيت العربي، في منتدى يومية الحوار حول "تعديل الدستور.. لماذا؟ وكيف؟"، أمس، النقاش الدائر حول تعديل الدستور أصبح مضيعة لوقت الطبقة السياسية والمجتمع المدني، في وقت تحتاج الجزائر إلى معارضة من نوع جديد وخطاب سياسي وإصلاحات جادة أكثر من أي وقت مضى، وتساءل: هل فعلا الجزائر بحاجة إلى دستور، وماذا تريد السلطة من ورائه؟ وبحسب مقران آيت العربي، فإن الدستور الحالي يحتاج إلى تعديل مادة واحدة، والمتعلقة بتحديد العهدات استجابة لما يعرف بالتداول على السلطة، موضحا في سياق تطرقه لوثيقة الدستور أنه "من يطلع عليها لا يجد فيها ما يوحي بنوايا التغيير من طرف النظام". ورجع المحامي آيت العربي للحديث عن مراحل المشاورات السابقة التي شاركت فيها أحزاب سياسية وشخصيات وطنية، حيث قال "لا نعلم ماذا حدث بالتحديد بين الشخصيات التي كلفها الرئيس باستقبال ممثلين عن الأحزاب السياسية وشخصيات وطنية؟"، مشددا على ضرورة ارتقاء الدستور المقبل للبلاد إلى تحقيق النظام الذي يريده الشعب الذي من شأنه أن يضمن الحريات العامة، وحرية تأسيس الجمعيات والأحزاب والتجمعات، وانتقد في سياق مغاير المقترحات التي تسعى لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية بدلا من تقليصها، في وقت يجب تعزيزها لصالح رئيس الحكومة. ومن جهته، حذر الوزير الأسبق والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني عبد الرحمان بلعياط، من "مغبة" المجازفة بنص دستوري تقترحه جماعة تكون فيه موازين القوى بعنوان "لي الذراع"، مؤكدا على ضرورة حدوث التوافق المطلوب من طرف كافة التشكيلات السياسية، وواصل قوله في ذات الصدد "نريد دستورا يسع الجميع ليس ضد جهة ما، ويجب استخلاص الدروس من التجارب السابقة". وفي تعليقه على التدخلات التي سبقته، وقف بلعياط عند مصطلح "أحزاب الموالاة"، حيث أكد قائلا "لا يجب إطلاق هذه التسمية ونحن لسنا موالين للرئيس". واتفق القيادي بحزب جبهة العدالة التنمية، لخضر بن خلاف حول مطلب دستور توافقي حقيقي تشارك فيه أحزاب السلطة والمعارضة، غير أنه يرى ان السلطة غير جادة في هذا الطرح، و"نحن بحاجة إلى دستور دولة وليس أشخاص، دستور قانون وليس مراحل"، حيث تقتضي الضرورة الحالية -حسبه- تعديلا جوهريا وعميقا لإزالة الكثير من العيوب، حتى يتسنى تعبيد الطريق أمام الأحزاب للتداول الحقيقي على السلطة، رافضا في سياق حديثه أن تكون التعديلات جزئية ويتم تمريرها عبر البرلمان.
كما لم يختلف المحامي عمار خبابة حول ضرورة حدوث التوافق المطلوب، غير أنه أكد على أهمية تشكيل لجنة خبراء لدراسة وثيقة الدستور بهدوء، تشارك فيه مختلف التشكيلات السياسية والشخصيات الوطنية، ليتم بعد ذلك الخروج بوثيقة الدستور تعرض على الاستفتاء الشعبي.