قضت محكمة مصرية، الثلاثاء، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية التي تضمنت نقل تبعية جزيرتين في البحر الأحمر للمملكة، حسب ما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر قضائية. وأثارت الاتفاقية التي وقعها البلدان في أفريل على هامش زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة احتجاجات كبيرة في مصر وسط اتهامات من جماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير مقابل استمرار المساعدات السعودية. وقالت المصادر، إن دائرة الحقوق والحريات بمحكمة القضاء الإداري برئاسة القاضي يحيى الدكروري: "قضت بقبول دعوى تطالب ببطلان الاتفاقية"، لكنها أضافت أنه يحق لهيئة قضايا الدولة، أن تطعن على الحكم بالنيابة عن الحكومة أمام المحكمة الإدارية العليا التي تصدر أحكاماً نهائية. وكتب خالد علي أحد المحامين الذين رفعوا الدعاوى القضائية على موقع فيسبوك بعد صدور الحكم: "الله أكبر.. الجزر مصرية وبطلان توقيع الاتفاقية". ونشر علي منطوق الحكم والذي جاء فيه، أن المحكمة قضت "بقبول الدعوى شكلاً وبطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أفريل 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية". وتضمن الحكم أيضاً بطلان "ما ترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وضعهما بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى". ودافعت الحكومة المصرية عن الاتفاقية وقالت إن الجزيرتين الواقعتين عند مدخل ميناء العقبة كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية. وقالت أيضاً، إن توقيع الاتفاقية "إنجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخاصة لكل منهما بما توفره من ثروات وموارد تعود بالمنفعة الاقتصادية عليهما". وأقر مجلس الشورى السعودي الاتفاقية بالإجماع يوم 25 أفريل، لكن لم يصدق عليها البرلمان المصري حتى الآن. وقالت مصر، إن الاتفاقية لن تصبح نهائية إلا بعد موافقة مجلس النواب. ويمثل الحكم ضربة لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي طالب المصريين في أحد خطاباته بالكف عن الحديث في مسألة الجزيرتين قائلاً: "أنا مصري شريف لا أباع ولا أشترى.. نخاف على كل ذرة رمل". وقدمت السعودية ودول خليجية أخرى مليارات الدولارات لمصر عقب إعلان السيسي حين كان وزيراً للدفاع عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في انقلاب 3 جويلية 2013. واستمر هذا الدعم عقب انتخاب السيسي رئيساً عام 2014. ورغم أهمية هذه المساعدات بالنسبة للمصريين الطامحين لإصلاح وإنعاش اقتصادهم المتدهور جراء سنوات من الاضطرابات السياسية اعتبر كثير منهم نقل تبعية الجزيرتين مسألة "كرامة وطنية". وشارك آلاف منهم في احتجاجات في أفريل تطالب "بإسقاط النظام" وهو الهتاف الذي استخدموه في انتفاضة 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك. وقال الكثير من المصريين إنهم تعلموا في المدارس أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان. وألقي القبض على أكثر من 200 شخص وحوكموا بتهمة التظاهر دون تصريح، لكن برئ الكثير منهم أو خففت عقوبتهم إلى الغرامة المالية فقط.