السؤال: منذ أن بلغت سنّ الرشد وأصبحت أحيض كنت أصوم أيام الحيض ولا أقضيها بعد ذلك لجهلي بالحكم، ولم يخبرني أحد أن الحائض لا تصوم ويجب عليها القضاء، حصل مني ذلك خمس سنوات، ما هو حكم صيامي؟ وهل أعيد تلك الأيام؟ الجواب: الصيام في أيام الحيض لا يصح، لأن من شروط صحة الصوم الطهارة من الحيض والنفاس بإجماع المسلمين، دل على ذلك ما في الصحيحين عن مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْت: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْت: لَسْت بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ»، وبالتالي فإن أيام العادة الشهرية التي صمتها غير صحيحة، وهي دين عليك واجب قضاؤه إذا كنت قادرة على الصوم، ولا تبرأ الذمة إلا بذلك، فإن كنت الآن عاجزة عن الصيام بسبب كبر السن والمرض فيلزمك أن تطعمي عن كل يوم مسكينا، لقوله تعالى: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ»، ولا يترتب عليك الفدية على تأخير القضاء ما دمت جاهلة بالحكم، لكن إخراجها أفضل وأحوط لعموم قوله تعالى: «فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ».
السؤال: أنا مصاب بمرض ويلزمني أخذ الدواء مرة واحدة في اليوم، وتعوّدت على أخذه عند السحور، غير أنني في اليوم الثالث استيقظت خلال الأذان الثاني للفجر، فشربت الدواء وأتممت صومي، فهل أعيد اليوم؟ الجواب: صومك في هذه الحالة فاسد، لأن من شروط الصيام الإمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وأنت قد تناولت دواءك بعد طلوع الفجر، وما دام أخذ الدواء ضروري بالنسبة لك وتتوقف عليه صحتك وتخشى إن لم تتناوله ضررا، فإنه يجوز لك أن تفطر ذلك اليوم ويكفيك القضاء بعد رمضان لقوله تعالى: «وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ».
السؤال: هل شرب الحليب عند الإفطار سنة؟ الجواب: المذكور في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على التمر أو على الماء، فقد روى أبو داود والترمذي عن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدَ تَمْرًا فَلْيُفْطِرْ عَلَيهِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى المَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ»، وروى أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ». أما الفطر على الحليب فلا يصح فيه شيء في الأحاديث، والمرويات التي جاءت تذكر الحليب فيها ضعف، من ذلك ما رواه الضياء المقدسي في المختارة وابن عساكر في تاريخ دمشق عن أنس رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ إِذَا أَفْطَرَ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى لَبَنٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَتَمْرٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»، وهو حديث ضعفه المحدثون لشذوذه.
السؤال: هل هناك دعاء خاص بالسحور كما هو الحال عند الإفطار؟ الجواب: لم يرد في السحور أي دعاء مخصوص، غير أن وقت السحر من أوقات الاستجابة، ولهذا أمر الله تعالى بالاستغفار فيه فقال في وصف عباده المتقين: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ»، فاغتنم أخي الكريم هذا الوقت في الدعاء والاستغفار، واسأل الله حاجتك وأنت موقن بالإجابة.
السؤال: أرى كثيرا من الناس يعتمرون في شهر رمضان، فهل يفعلون ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رمضان أو لأمر آخر؟ الجواب: الثابت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان، لأنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر فقط، ثلاثة منها وقعت في ذي القعدة. الأولى: عمرة الحديبية سنة ست، وقد صده فيها المشركون عن البيت الحرام. والثانية: عمرة القضاء سنة سبع، وهي التي وقع عليها عقد الصلح في الحديبية. والثالثة: عمرة الجعرانة سنة ثمان، وكانت بعد فتح مكة. والرابعة: عمرته صلى الله عليه وسلم مع حجه في حجة الوداع، وقد أحرم بها في ذي القعدة وأتم أعمالها في ذي الحجة.
وحرص المسلمين على العمرة في رمضان لما ورد في الحديث عن فضل من اعتمر في رمضان، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِى حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي».