اهتز حي لاكولون الشعبي بوسط مدينة عنابة، عشية الخميس، في حدود الساعة الخامسة والنصف مساء، على وقع جريمة بشعة، عندما خرج مهندس معماري إلى شرفة المكتب الذي يزاول فيه عمله، الواقع غير بعيد عن مقر البريد، بالطريق الرئيسي لحي عميروش المعروف باسم "لاكولون"، وجسده ملطخّ بالدماء، حاملا في يده اليمنى خنجرا من نوع بايونات يقطر دما، وهو يصرخ: "قتلته، قتلته، لقد قتلت صديقي وأخي إلياس". مشهد مروّع ومفزع، أثار سكان وجيران الجاني والضحية، وأثار المارّة ومستعملي الطريق، ليهبّ الكثير منهم، نحو مكتب المعني، أين وجدوا الضحية "بوشهدان إلياس"، البالغ من العمر 31 عاما، يغرق في بركة من الدماء بمكتبه، وعليه آثار طعنات خنجر في مناطق متفرقة من جسده، وآثار ذبح من الوريد إلى الوريد، بينما مازال قاتله يصرخ في الشرفة في صدمة كبيرة، ولم يتسنّ للكثير معرفة ما إذا كان القاتل في حالة طلب النجدة لإنقاذ زميله وصديقه، أم في حالة نشوة بعد قتل إلياس. دقائق بعد ذلك، تسجّل عناصر الحماية المدنية حضورها بعين المكان، رفقة مصالح الشرطة وفرقة الشرطة العلمية، لمعاينة مسرح الجريمة وانتشال جثة الضحية، وتوقيف المتهم.. حالة صمت رهيب تخيّم على المكان، حالة حزن كبير في أعين السكان، صدمة وألم وأسى في أوساط الجيران وأصحاب المحلات والمكاتب المجاورة. الخبر بدأ في الانتشار. معارف وأحباب الضحية بدؤوا يتوافدون على المكان.. بكاء وعويل وحزن كبير، يعتصر الوافدين، بعضهم لم يصدّق فلحق بجثة الضحية إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى ابن رشد الجامعي، يستفسر ويحاول أن يثبت العكس، لكنها الحقيقة المرّة والمؤلمة، المهندس المعماري "ق. منتصر"، البالغ من العمر 42 عاما، يقتل زميله ورئيسه في العمل "إلياس" 31 سنة، داخل مكتبه، بعد أن جمعتهما صداقة قويّة، وزمالة في العمل، منذ عام 2014، إذ يشتغل المتهم حامل شهادة الهندسة المعمارية الذي يزاول دراسته في السنة الثانية جامعي ماستر 2، لدى الضحيّة في إطار عقود الإدماج المهني منذ نحو ثلاث سنوات. ويقول السكان وجيرانهما إنهما كثيرا ما يخرجان معا لاحتساء فنجان قهوة، أو تناول وجبة الغذاء معا، وشوهدا في أكثر من مرة معا وكأنهما صديقان متقاربان ومتحابان جدا. ويقول السكان إنّ الضحية في أصله شخص محبوب لدى الجميع، وإن أخلاقه الطيبة والنبيلة وتواضعه الجميل والكريم جعله ذا قيمة ومنزلة لدى معارفه قبل أن يكون الشخص الأقرب من شريكه ورئيسه في العمل المهندس المعماري صاحب المكتب، الذي تجرّأ على قتله بهذه الطريقة البشعة والمرعبة في النهاية. الضحيّة الذي لفظ أنفاسه، داخل مكتب عمله على يد قاتله الذي كان يشاركه طيلة ثلاث سنوات كاملة، أجواء العمل، تعرّض لطعنات خنجر، قدرتها مصالح الشرطة العلمية والطبيب الشّرعي ب 25 طعنة كاملة. ولم يكتف بقتله بذلك بل راح يذبحه من الوريد إلى الوريد، مستعملا سكينا من نوع بايونات، مخلفا وراءه زوجة حاملا بجنينهما الأوّل، وشاءت الأقدار، أن يفارق الحياة بهذه الطريقة البشعة والمقزّزة، وعلى يد واحد من أقربائه دون أن يتمكّن من رؤية رضيعه مستقبلا، ولا من مداعبته ومشاكسته، قصّة نهاية مرعبة للمهندس إلياس، وأكثر رعبا وألما لزوجته الحامل، ولأفراد عائلته وأصدقائه، الذين شيعوه بعد صلاة الجمعة لنهار أمس، إلى مثواه الأخير وسط حضور مكثف لسكان عنابة، وفي أجواء جنائزية مهيبة.