شهد مستشفى تقصيرين لإعادة التأهيل الحركي غرب الجزائر العاصمة حالة استنفار قصوى إثر اكتشاف حالات إصابة بالداء المعدي "الجرب" وسط مرضى مصلحة الرجال "س" الذين أغلبهم من المرضى المقعدين المبتورة أطرافهم السفلية. وتمكنت أمس، "الشروق" من التسلل إلى داخل مصلحة الرجال "س" بمستشفى تقصرين لإعادة التأهيل الحركي، حيث تباينت أقوال من التقتهم "الشروق" في المصلحة حول أسباب انتشار الداء في أوساط المرضى، ففي حين أرجعها الممرضون إلى حالة كهل مقعد دخل إلى المصلحة قصد إعادة التأهيل الحركي لأطرافه السفلية بداية الأسبوع الفارط قادم من ولاية داخلية ولم يصرح بأنه حامل لداء الجرب ما تسبب في انتقال العدوى إلى خمسة من نزلاء الجناح من المرضى المقعدين اكتشفت حالاتهم نهاية الأسبوع المنقضي، بينما نفى المرضى ذلك، مؤكدين أن جميع المرضى الذين ظهر عليهم داء الجرب تجاوزت مدة إقامتهم بالجناح شهرا كاملا من غير المعقول أن يكون سبب انتشار داء الجرب وسط المرضى حالة التحقت بالجناح حديثا على حد تعبيرهم. واشتكى المرضى المقعدين بالجناح والبالغ عددهم 24 مريضا من انعدام النظافة وسوء معاملة الطاقم، خاصة وأنهم بحاجة إلى رعاية مضاعفة نتيجة لبتر أطرافهم السفلية بشكل كامل أو شبه كامل، حيث يقضون جميع حاجاتهم البيولوجية عبر أكياس بلاستيكية "لاسوند" فضلا على استلقائهم على بطونهم قصد التمكن من تحريك الأسرة المزودة بعجلات في انتظار إجرائهم للعمليات الجراحية أو تركيب الأعضاء الاصطناعية، وأسّر أحد المرضى للشروق قائلا: "مرض الجرب انتشر وسط المرضى الذين لا يمكنهم تنظيف أنفسهم وهم ملقون هنا منذ أكثر من شهر.. من خانته رجلاه بشكل كامل لا يوجد هنا أحد لمساعدته، يجب عليه أن يتحمل كل شيء إلى أن يحين دوره لإجراء العملية وتركب له أطراف اصطناعية.. للأسف نحن في مستشفيات الجزائر وليس في أوربا". وأكد الممرضون أن إدارة المستشفى تدخلت على الفور وقامت بعزل المرضى المصابين بالجرب في زاوية بالجناح وزودتهم بالكميات اللازمة من الأدوية المعالجة، كما أرسلت مصالح الوقاية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أدوية وقائية من نوع "بودرة مضادة" استحم بها جميع نزلاء الجناح "س" قصد منع انتقال العدوى ومحاصرة بؤرة الداء، مشددين على أن الجناح تجاوز حالة الخطر والمصابين يتماثلون للشفاء بشكل سريع، ورفضت إدارة المستشفى استقبالنا أو تقديم أي توضيحات إضافية للصحافة وتنوير الرأي العام في حال لم تتلق مراسلة مكتوبة من الوصاية، في حين حاولنا الاتصال بمصالح وزارة الصحة المكلفة بالاتصال وكذا المكلفة بالوقاية، إلا أنها لم ترد. وقال البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث أن داء الجرب من أمراض الفقر التي اختفت بشكل شبه تام بعد سنوات قليلة من الاستقلال، إلا أنه نتيجة لانعدام النظافة ببعض الأحياء القصديرية والتجمعات السكنية والمؤسسات يظهر بين الفينة والأخرى، حيث سجلت الجزائر انتشارا خطيرا للجرب في مخيمات المنكوبين بعد زلزال 21 ماي 2003 ببومرداس، أما آخر مرة ظهر بها الداء فكانت في مدرستين ببراقي وباب الزوار سنة 2008، مشيرا إلى أن داء الجرب هو عبارة عن طفيلية تدعى "ساركوبيتيس إيسكباي" تنتشر بالأوساط الوسخة والفضاءات الضيقة وتناوب الأشخاص على نفس الأسرة واختلاط العرق، حيث بمجرد تنقل الحشرة على البشرة الخارجية للجسم يشعر إثرها الفرد بقشعريرة تستدعي حكة فظيعة تتسبب في جروح تسمح للطفيلية النفاد إلى تحت الجلد ما يزيد من خطورة المرض، حيث تبيض الطفيلية تحت الجلد البشري لتنتشر في كامل الجسم وتنتقل من شخص إلى آخر بمجرد مصافحته أو ملامسته أو استعمال أغراضه الشخصية، ويعتبر المختصون داء الجرب من أمراض الفقر التي تكلف الدولة سنويا 300 مليار سنتيم لمواجهتها.