حسب ما نسب لمسؤولين مصريين كبارا، فإن الرئيس المصري حسني مبارك قاطع القمة العربية المصغرة التي احتضنتها العاصمة الليبية طرابلس، حتى لا يلتقي وجها لوجه بالرئيس السوري بشار الأسد... * فلنتأمل هذه الصورة الكاريكاتورية لرئيس عربي يرفض التوجه لعاصمة عربية حتى لا يلتقي برئيس عربي آخر. * لنواصل تأملنا في هذه الصورة الكاريكاتورية المضحكة، عبر تساؤلنا عن الدافع الذي كان وراء تجنب حسني مبارك زيارة طرابلس حتى لا يلتقي بشار الأسد... سبب الخلاف، كما هو معروف لدى العام والخاص وعند المهتم وغير المهتم بالسياسة، هو وقوف سوريا في وجه المشروع الأمريكي المراد فرضه على لبنان، وتمكن سوريا من إفشال هذا المشروع من إيجاد موطئ قدم له على الأرض اللبنانية... لنوضح الصورة أكثر ونقول بأن أحد طرفي الصراع مدعوم أمريكيا عبر السعودية ومصر والأردن، والثاني مسنود سوريا وإيرانيا، وبغض النظر عن الخلافات العربية العربية حتى تلك التي لها ما يبررها، فإن سوريا تظل في كل الحالات والأحوال أقرب وفي أكثر من مجال وقضية وملف إلى مصر والسعودية والأردن منها إلى أمريكا، أم أن ما علمونا من أن اللسان والدين والتاريخ الواحد، ولا نقول المصير المشترك، لأنه لم يعد قائما، ليست عوامل موحدة لنا نحن العرب؟... * ترى لو انعقد اجتماع طرابلس بباريس مثلا، فهل كان الرئيس المصري يتأخر عن اللقاء، أم أن مقولة إن الحكام العرب لا يستأسدون إلا على بعضهم البعض، هي حقيقة قائمة لا يأتيها الباطل أمامها ولا من خلفها؟ * إن الخلافات التي تصل إلى هذا المستوى تعني بوضوح تام، أن الأمور بين الحكام العرب قد وصلت إلى درجة لم يعد معها الترقيع ممكنا، في أي شكل من الأشكال، وعليه فلماذا لا تقدم السلطة المصرية على حل الجامعة العربية، مادامت لا تؤمن عمليا بشيء اسمه التعاون أو التنسيق العربي، ولا نقول التكامل أو التلاحم أو أي من المصطلحات الأخرى المماثلة. * لقد أسقط الحكام العرب، أو لنكن واضحين... أسقط الحكام العرب الموالون والتابعون لأمريكا كل العوامل المساعدة لوحدة العرب، ولولا نظرة العدو التي تجعل العرب كتلة واحدة وترميهم في سلة واحدة، لأمكن الجزم ودون تردد بأن العرب ليسوا أمة واحدة ولا يمكن أن يكونوا كذلك.