فاجأ قرار العودة لنظام البكالوريا القديم، الشركاء الاجتماعيين وأولياء التلاميذ، الذين كانوا آخر من يعلم بالموضوع، ففتحت لهم بذلك بن غبريط الباب على مصراعيه، لتأكيدهم أن قراراتها كانت ارتجالية ومتسرعة. وفي هذا الصدد، أكد القيادي في النقابة الوطنية لعمال التربية "الأسانتيو"، قويدر يحياوي، أن وزيرة القطاع نشرت رزنامة البكالوريا الجديدة التي ميّزتها تعديلات "لا معنى لها، ودون سند بيداغوجي"، وأهمها تقليص أيام البكالوريا من 5 أيام إلى 4، وبعثت البرنامج للمؤسسات التربوية، لتتراجع في ظرف أقل من شهر، وهو ما تعتبره الأسانتيو "ارتجال في اتخاذ القرارات، وعدم استشراف للمستقبل". واستغرب يحياوي كون بن غبريط تجاهلت تخوفات الشركاء، عندما أكدوا لها استحالة تقليص أيام البكالوريا، لتزامنها مع شهر رمضان وحر الصيف لتلاميذ الجنوب، وذلك أثناء لقاءات إصلاح البكالوريا شهر أوت المنصرم، "لتفاجئنا بتراجعها عن البرنامج الجديد، بمبرر خروج تلاميذ البكالوريا للشارع"، ليستنتج محدثنا "أن الوزارة لم تستمع إلى الشركاء رغم تغنيها بميثاق أخلاقيات المهنة، وتسرعت في إصلاحات مصيرية ودون استشارة الشركاء والخبراء، ثم انصاعت لضغط التلاميذ وتراجعت". والأمر الذي يثير المخاوف مستقبلا -يقول يحياوي- "أن تصبح الوزارة تحت رحمة تمرد التلاميذ، بعد تأكدهم أن خروجهم للشارع أتى بنتيجة.. وهو ما يطيح بقدسية المدرسة العمومية". وبدوره، أكد الإطار السابق في وزارة التربية، عبد القادر فضيل، ل"الشروق"، أن رزنامة البكالوريا الجديدة لم تكن لتمر بسلام، لاستحالة تطبيقها على الميدان، وحسبه "طالبتُ سابقا بزيادة أيام البكالوريا لأكثر من 5 أيام بدل تقليصها، على أن يُجري التلميذ كل يوم امتحانا واحدا فقط وفي الصبيحة". وتأسف محدثنا، "لعدم استشارة الوزيرة أصحاب الرأي، عند رفعها ملف الإصلاح لمجلس الحكومة". ولاحظت الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، على لسان رئيسها أحمد خالد، أن ضغط التلاميذ وخروجهم إلى الشارع، هو ما ساهم في التراجع عن الرزنامة الجديدة، مؤكدا أنه سبق لهم تنبيه الوزارة لهذه النقطة، مُطالبين بتراجعها عن قرارها، لأنه لا يخدم التلاميذ، ليتفاجأ خالد بتراجع الوزيرة دون استشارتهم، ومعلقا "لم نسمع حتى بلقائها مع التلاميذ..."، وتُرجّح الجمعية، أن إدراج إصلاحات البكالوريا لن يتم دون إصلاح التعليم الثانوي. وقلّل محدثنا من خطورة ظاهرة خروج التلاميذ إلى الشارع لتحقيق مطالبهم، قائلا "سبق أن طالبوا بالعتبة، وحذف بعض مواد الهوية... وتجاهلتهم الوزارة". وبينما ثمّنت الاتحادية الوطنية لعمال التربية، قرار التراجع عن الرزنامة الجديدة، للحيلولة دون استغلال التلاميذ الذين خرجوا للشارع، ولقائها مع التلاميذ الذين يعتبرون المعني الأول بشهادة البكالوريا، لكنها أعابت على بن غبريط، عدم استشارتها للشركاء الاجتماعيين عند اتخاذ قراراتها، حيث صرح رئيس الاتحادية فرحات شامخ ل"الشروق" قائلا "الوزارة اتخذت طريقها الذي تريده، وهي لم تشاورنا وستتحمل تبعات قراراتها"، معتبرا أن البكالوريا تحتاج لإصلاحات جذرية، للقضاء على ظاهرة الرسوب الجامعي، ولن يتم ذلك إلا بإعادة هيكلة التعليم الثانوي.