ذهب مراقبون، الجمعة، إلى أنّ ملف الصحراء الغربية كان وراء إلغاء زيارة العاهل المغربي "محمد السادس" إلى مالي قبل 48 ساعة، بينما ارتضت جهات مغربية تفسير الخطوة بما سمتها "ضغوط جزائرية". خلافا لما سعت أطراف تسويقه بشأن خلفية "تفضيل" ملك المغرب الانتقال من زامبيا إلى غينيا كوناكري، نفى تقرير لإذاعة فرنسا الدولية ما تردّد بشأن الوضع الصحي للرئيس المالي "إبراهيم بوباكار كايتا"، وكون الأخير – حسب الرواية المغربية – لا يقو على استقبال "محمد السادس"، حيث شدّد التقرير إياه على أنّ "كايتا" ترأس اجتماعا لمجلس الوزراء، الأربعاء، وقبل ذلك استضاف دبلوماسيا أمريكيا. وجرى استبعاد المحذور الأمني الذي جرى الاتكاء عليه من لدن البعض في تسويغ تراجع "محمد السادس" عن التجوّل في الأراضي المالية، علما أنّ نظام المخزن لم يقدّم أي بيان رسمي بشأن مبررات الإلغاء المثير للجدل. وتمّ ربط ما حدث ب "النشاط الحثيث" للجزائر في مالي، ما نظر إليه الجانب المغربي بعين الريبة، خصوصا مع الموقف الثابت لدولة مالي من ملف "الصحراء الغربية"، وتتموقع بماكو ضمن قائمة الدول الإفريقية ترفض احتلال المغرب لأجزاء من الصحراء الغربية، وتدعم تصفية الاستعمار من القارة الإفريقية وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره. ونقل موقع مغربي على لسان "الموساوي العجلاوي" الخبير في الشؤون الإفريقية، أنّ الجزائر فرضت ضغوطا قوية على مالي (..)، واستدلّ بكون الحضور الجزائري في مالي يبقى قويا من خلال عدد من المؤسسات، مستشهدا في ذلك بعدد الموظفين في السفارة الجزائرية بباماكو، والذي يصل إلى 600 موظف، مقابل خمسة موظفين فقط في السفارة المغربية. وليس بخاف، أنّ سلسلة الزيارات المتتالية ل "محمد السادس" إلى دول إفريقية عديدة، غير مفصولة عن حراك المخزن لتكثيف الجهود بغرض حمل الأفارقة على تغيير موقفهم حيال الصحراء الغربية المحتلة، في ظرف يتميز بعرقلة المغرب لكل مبادرة ترمي إلى إيجاد حل سلمي للنزاع، وهو ما يكشف عن نوايا نظام "محمد السادس" الحقيقية من وراء الانضمام إلى الاتحاد الافريقي في الثلاثين جانفي الأخير، خلافا لإرادات الزعماء الأفارقة الذين شدّدوا على أنّ انضمام المغرب بدون شروط وبلا تحفظ، من شأنه أن يساعد في إيجاد حل للنزاع الصحراوي المغربي بين دولتين إفريقيتين جارتين، وتتمتعان بالعضوية في الاتحاد الإفريقي. وكان المغرب شدّد قبل أسبوعين على أنّه "لم يعترف، ولن يعترف أبدا بالجمهورية الصحراوية وجبهة البوليساريو"، غداة انضمام الرباط إلى الاتحاد الافريقي وما ترتب عليه ذاك الانتماء من التزام عملي بالانخراط في المسعى القاري والأممي لحلّ معضلة الصحراء الغربية. وصرّح الوزير المنتدب في الخارجية المغربية "ناصر بوريطة" أنّ الرباط "لن يعترف أبدا" بوجود دولة تسمى الصحراء الغربية، ما يعني أنّ المغرب الذي صار العضو رقم 55 في الاتحاد الافريقي، يتحدى القانون التأسيسي للاتحاد إياه، والذي يشير إلى "احتلال المملكة العلوية لأجزاء من الصحراء الغربية، كما يؤكد على الوضع القانوني للجمهورية الصحراوية باعتبارها محتلة من طرف المغرب وفق لوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا سيما اللائحة 34/37 لسنة 1979"، فضلا عن الأدلة القانونية التي تكرس حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، بما في ذلك القرارات الصادرة عن الاتحاد الإفريقي واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب المطالبة بتحديد جدول زمني لتنظيم استفتاء تقرير المصير.