يذهب مراقبون إلى أنّ المغرب سيسعى للنيل من الموزمبيقي "خواكيم ألبرتو شيسانو" مبعوث الاتحاد الإفريقي الخاص إلى الصحراء الغربية، خصوصا وأنّ "شيسانو" لا يتبنى الموقف المغربي، وظلّ ينادي بضرورة الإسراع في تسوية قضية احتلال الصحراء. إذا كان نظام "محمد السادس" رفض التعاطي مع "شيسانو" منذ تكليفه سنة 2014، فإنّ انضمام الرباط قبل 72 ساعة إلى الهيئة القارية، يجعل المخزن مدعوا لتغيير استيراتجية التعامل مع "شيسانو" (77 عاما) الذي ظلّ يؤكد في تقاريره لمفوضية القارة السمراء، على الوضع القانوني للجمهورية الصحراوية باعتبارها محتلة من طرف المغرب وفق لوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا سيما اللائحة 34/37 لسنة 1979. ويتوقع متابعون للملف، أن يسعى المغرب المُطالب بعدم الوقوع في تناقض مع مقتضيات القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي، لإيقاف مهمة "شيسانو" في المنطقة، رغم أنّ القرارات الصادرة عن الاتحاد إياه تكرّس حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وتطالب العضو رقم 45 بتحديد جدول زمني لتنظيم استفتاء تقرير المصير، بالتزامن مع صعوبة التوفيق بين عضوية المغرب المحتل لأجزاء من الصحراء الغربية، والنداءات المتكررة لتصفية الاستعمار من القارة الأفريقية وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره. وظلّ المغاربة طوال ال36 شهرا المنقضية، يقاطعون "شيسانو" الذي حكم الموزمبيق على مدار عقدين (6 نوفمبر 1986- 2 فيفري 2005)، وجرى تكليفه من طرف الاتحاد الإفريقي في 2014، ممثلا خاصا لملف الصحراء، وعمدت السلطات المغربية في الفترة السابقة إلى مهاجمة الرجل عبر إطلاق مزاعم من قبيل "تعيين شيسانو اليساري يهدف إلى تسخين التوتر في شمال إفريقيا بين المغرب والجزائر"، كما راحت أبواق "المخزن" تسوّق لتحفظاتها بشأن استمرار "شيسانو" الذي يرتبط بعلاقة وثيقة جدا مع الأمين العام الأممي الأسبق "كوفي عنان" الذي أسند إليه عدة مهمات رسمية عبر العالم.
تحذيرات سبق ل "شيسانو" أن حذّر في 26 أفريل 2016، أعضاء مجلس الأمن الدولي، من كون "النزاع في الصحراء الغربية إن بدا وكأنه مشكل صغير" (...)، إلا أن ذلك لا يجب أن ينسي أنّ "شرارة صغيرة يمكن أن تضرم النار في كل الغابة"، في إشارة إلى الوضع الذي تعرفه المنطقة ومخاطر استمرار هذا النزاع دون حل. وجاءت تحذيرات الرئيس الموزمبيقي السابق بضرورة الإسراع في تسوية النزاع في هذا الإقليم المحتل خلال جلسة عقدها آنذاك في مجلس الأمن الدولي بطلب من دولتي أنغولا وفنزويلا في اجتماع مغلق حضره ممثلون عن بلدان أوروبية وعربية وإفريقية، وشهد ذاك اللقاء توجيه "شيسانو" انتقادات لاذعة تجاه المحتل المغربي الذي أقدم على طرد 84 موظفا من المكون المدني لبعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية "المينورصو" ووصف ذلك ب "السابقة الخطيرة جدا على البعثات الأممية الأخرى في مناطق النزاع المختلفة من العالم". وعبّر "شيسانو" عن تشاؤمه من استمرار هذه الوضعية في ظل حالة التذمر التي يعيشها اللاجئون الصحراويون في مخيمات اللاجئين مع كل تبعات ذلك على الاستقرار في كل المنطقة، كما تحدث "شيسانو" بالصراحة التي يتطلبها وضع متأجج في الصحراء الغربية، حيث عبّر عن حالة الاحتقان التي يعرفها ملف هذا النزاع في غياب أي تقدم على طريق تسويته من خلال تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي . وقال "شيسانو" لتفادي أي انزلاق غير محمود العواقب بحتمية تمكين بعثة "المينورصو" من كل صلاحياتها لتنظيم هذا الاستفتاء بما فيها صلاحية مراقبة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وتحديد تاريخ لتنظيم الاستفتاء.