ينطلق إيمانويل ماكرون المؤيد لأوروبا من موقع المرشح الأفضل حظوظا للفوز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 7 ماي، متقدما على القومية مارين لوبن المعادية للعولمة، في وقت بدأت تتشكل "جبهة جمهورية" لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف. واستأنفت مارين لوبن التي حققت أفضل نتائج لها في الأرياف والبلدات الصغيرة والمناطق التي عانت من عواقب العولمة، حملتها منذ صباح أمس الاثنين مع زيارة إلى شمال فرنسا. وأسفرت الدورة الأولى من الانتخابات التي تميزت بمشاركة كثيفة ناهزت 80%، عن خروج الحزبين الكبيرين اليميني (الجمهوريون) واليساري (الحزب الاشتراكي) من الشوط الأخير من السباق إلى قصر الإليزي، في وضع غير مسبوق بفرنسا، مع بروز مرشحين على طرفي نقيض أحدهما عن الآخر أوصلتهما رغبة الفرنسيين في تجديد الحياة السياسية في بلادهم. في ختام حملة انتخابية حافلة بالمفاجآت استمرت عدة أشهر، تصدر الوسطي إيمانويل ماكرون (39 عاما) نتائج الدورة الأولى الأحد حاصدا 23.75% من الأصوات، فيما حلت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن (48 عاما) في المرتبة الثانية بحصولها على 21.53% من الأصوات، محققة نتيجة تاريخية لهذا الحزب وصلت إلى 7.6 مليون صوت، حسب النتائج النهائية، ونوّهت لوبن أمام مناصريها بهذه "النتيجة التاريخية". أما ماكرون فقال مخاطبا أنصاره المتجمعين الأحد في باريس "بدلنا خلال سنة وجه الحياة السياسية الفرنسية". وماكرون الذي لم يسبق أن تسلم أي منصب منتخب، في موقع جيد لخلافة الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند، حيث سيصبح أصغر الرؤساء سنا في تاريخ فرنسا بمن فيهم نابوليون بونابارت (1808-1873). ودعت غالبية الطبقة السياسية الفرنسية سواء من اليمين أو من اليسار، وخصوصا فرنسوا فيون وبونوا آمون، إلى "تشكيل حاجز" بوجه اليمين المتطرف. وشدد تييري سولير المتحدث السابق باسم فيون أمس الاثنين على أن الفرنسيين سيرتكبون "خطأ أخلاقيا إن لم يقطعوا الطريق على اليمين المتطرف". وتذكر مثل هذه "الجبهة الجمهورية" بالانتخابات الرئاسية عام 2002 حين تأهَّل مؤسس الجبهة الوطنية جان ماري لوبن والد مارين للدورة الثانية في مواجهة جاك شيراك، قبل أن يتكبد هزيمة كبرى (17.79%) في مواجهة قوى سياسية تكتلت ضده. وستكون المبارزة في 7 ماي حول برنامجين على اختلاف تام في العديد من المواضيع كالانفتاح مقابل الانغلاق، والهوية الوطنية مقابل التعددية، والليبرالية مقابل الحمائية، غير أن الاستقطاب الحقيقي فيها سيكون حول موضوعين محوريين هما أوروبا والعولمة. وقالت لوبن الداعية إلى إغلاق الحدود والخروج من اليورو وتعليق الهجرة، إن "الرهان الكبير في هذه الانتخابات هو العولمة العشوائية التي تشكل خطرا على حضارتنا". وأضافت متوجّهة الأحد إلى أنصارها "إما أن نكمل على طريق الإزالة التامة للضوابط، أو تختارون فرنسا"، طارحة نفسها على أنها "مرشحة الشعب". أما ماكرون، فأكد أنه يحمل "صوت الأمل لفرنسا ولأوروبا"، مؤكدا عزمه على أن يكون "رئيس الوطنيين في مواجه خطر القوميين". كما أعربت قيادات معسكر اليميني المحافظ فرنسوا فيون عن خيبتها لخروج اليمين من السباق الرئاسي للمرة الأولى في فرنسا منذ 1958، مشيرة إلى "فشل مرير" و"هزيمة" تاريخية. وتعرض فيون رئيس الوزراء الأسبق الأحد لهزيمة مهينة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية رغم جهوده لتجاوز فضيحة الوظائف الوهمية. وأقر مساء الأحد اثر إعلان النتائج التي اعتبرت زلزالا سياسيا في معسكره "رغم كافة جهودي وتصميمي لم أنجح في إقناعكم". وأضاف "هذه الهزيمة هي هزيمتي، وأدعو إلى التصويت لإيمانويل ماكرونّ، لأن "الامتناع عن التصويت ليس من شيمي". وحل فيون (63 عاما) بنسبة بلغت حوالي 20 بالمائة من الأصوات، ثالثا بعيدا خلف مرشح الوسط ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن. وتفوق بشكل طفيف جدا على جان لوك ميلانشون مرشح اليسار المتشدد.