على الطريقة الاستعمارية التي استهدفت الوطن العربي كانت التجزئة إزاء فلسطين على مراحل، اولها ان اقتطعت فلسطين بشكلها الاخير من بلاد الشام بعد ان رتبوا الجغرافيا في المنطقة بحيث تحيط بها موانع طبيعية تكون مستقبلا حامية استراتيجية للكيان الصهيوني.. ورسموا حدودها ضمن عملية تقسيم بلاد الشام الى اربعة اقاليم.. وتشعر بأن المبضع الاستعماري هو من قسَّم الوحدة الجغرافية عندما تتأكد ان العادات والتقاليد والمزاج الشعبي واللهجة هي نفسها بين فلسطين ومحيطها، بل ان القبائل العربية المتواجدة في فلسطين هي نفسها الممتدة في محيطها. وبعد التقسيم الاول ساروا الى التقسيم الثاني من خلال مشاريع التقسيم المتتالية حتى انتهت فلسطين بعد 1948 ثلاثة قطع متباعدة: ارض الضفة الغربية وقطاع غزة والعمق الفلسطيني.. وجاؤوا الى القدس وقسموه الى شرقي وغربي.. وبعد حرب 1967 احتلت القوات الصهيونية كامل فلسطين والجولان وسيناء.. وعملت على تغيير معالم الجغرافيا وهجرت مئات ألاف الفلسطينيين من قطاع غزةوالضفة الغربية.. وبعد توقيع اوسلو بدأ المخطط الاسرائيلي الجديد وهو تنفيس الحالة الثورية من التنظيمات الفلسطينية واقحامها العمل السياسي قصد تسوية للقضية.. وهنا بدا المسلسل وصولا الى ما نحن فيه. الآن يكثر الحديث عن حلول مؤقتة او اقليمية او واقعية، ومع ان المنطق والعقل لا يقبل تصديق ما يتم تسربه الا ان مجرد الحديث به انما يمثل انتهاكا صارخا للحق الفلسطيني ومحاولة جس نبض للشعب الفلسطيني وتطويع له للقبول بهذه الحلول.. حلول تقطع الاوصال بين قطاع غزةوالضفة الغربية بعد ان اصبحت ارض ال1948 في عُرف الرسمية العربية والفلسطينية والدولية هي "ارض اسرائيل"! صحصح ان اهل غزة وقعوا تحت ظلم تاريخي كبير ولحقهم الاذى الفادح لكن هذا مع قسوته لا يفتح الباب امام حل جزئي ومؤقت تنتهي فيه الوحدة الجغرافية والسياسية لفلسطين.. وهنا بالضبط لعب المجرمون لعبتهم لتيئيس الشعب وافقاده الامل وحشره في الزاوية وشغلوا اطرافا عديدة بوعي منها وبلا وعي لتقوم بالمهمة فيصبح الناس تحت الحاح الحاجة والقهر والجوع والالم يقبلون بأي حل وكيفما اتفق. نحن ندرك ان القضايا الكبيرة لا يملك انهاءها فردٌ او جماعة ما، انما هي تسير مع الضمير الجمعي والوعي الجمعي وهنا لابد من تسجيل حقيقة راسخة الا وهي تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وحق العودة وبوحدته ورفضه لكل المؤامرات مهما تلوَّنت بلون المصلحة. فلسطين واحدة ولا تقبل القسمة فيكفيهم عبثا، فلقد مضت كل المؤامرات ولم تحقق شيئا واثبتت التجارب والتحديات ان جون فوستر دالاس وزير خارجية امريكا في النصف الاول من الخمسينيات كان مغرورا تماما وواهما تماما عندما قال "ان الشعب الفلسطيني قد وقع بين الفيَلة وان كبيره سيموت وصغيره سيُنسى" .. اخطا المستر دالاس لان الفلسطينيين لا يزالون متمسكين بوحدة ارضهم وشعبهم ولان فلسطين ملك للامة العربية والاسلامية.. وعبثا ما يصنع المتآمرون.. تولانا الله برحمته.