لا يزال ملف رخص الاستيراد يشغل بال وكلاء السيارات الناشطين في الجزائر بعد انقضاء ثلاثة أرباع سنة 2017 مقابل استيراد صفر مركبة، ويتساءل هؤلاء عن سر تأخر الرخص التي وضعت منذ بداية السنة على طاولة أربعة وزراء تعاقبوا على قطاع التجارة بدءا بالوزير المرحوم بختي بلعايب، مرورا بوزير القطاع بالنيابة عبد المجيد تبون والوزير أحمد عبد الحفيظ ساسي وصولا للوزير الحالي محمد بن مرادي، في وقت تعرف فيه أسعار السيارات منحى تصاعديا منذ 3 سنوات لم يعرف تراجعا. وأكد الرئيس الأسبق والعضو الحالي لجمعية وكلاء السيارات المعتمدين محمد بايري في تصريح ل"الشروق" أن ملف رخص استيراد السيارات لا يعرف أي جديد إلى حد الساعة رغم إيفاد في كل مرة مبعوثي الوكلاء للوزارة للاستفسار عن الوضع ومعرفة حقيقة تأخر الرخص، بعد انقضاء الثلاثيات الأول والثاني والثالث من السنة الجارية، وحتى إلغاء معرض السيارات الدولي والذي تم إرجاؤه لشهر سبتمبر الجاري ليتم فيما بعد اتخاذ قرار بإلغائه رسميا لأول مرة منذ 20 سنة بسبب غياب المركبات، مشددا: "إلى حد الآن لا نعرف شيئا عن تاريخ توزيع الرخص وكوطة كل وكيل وحجمها وحتى إن كانت السيارات ستصل بحر السنة الجارية أم ستصل خلال السنة المقبلة، فالوزارة لم تبلغنا بأي شيء ونحن بانتظار أي جديد لإزالة اللبس وتوضيح الأمور بشكل أفضل". ويأتي ذلك وسط ارتفاع غير مسبوق لأسعار السيارات على مستوى أسواق السيارات المستعملة، وغيابها بشكل تام على مستوى الوكالات المعتمدة ونقاط البيع وندرة حادة لدى مصانع التركيب والتجميع والتي يبدو أنها سوقت عددا أكبر من قدرتها الإنتاجية هذه السنة إلا أنها تبقى عاجزة عن الاستجابة للطلب الكثيف والغزير الذي لا تزال تشهده سوق السيارات في الجزائر وسيطرة الوسطاء والسماسرة، ويساهم هؤلاء في إلهاب السوق بشكل غير مسبوق ورفع هامش ربحهم بطريقة خيالية في ظل الندرة التي تشهدها سيارات 2017 في الجزائر، مع العلم أن الحكومة سبق أن حددت كوطة السيارات لهذه السنة ب30 ألف مركبة فقط مقارنة مع 97 ألف مركبة السنة الماضية، وقبلها تم الحديث عن تسقيف واردات السيارات عند حدود مليار دولار سنويا، إلا أن أرقام الجمارك تكشف أن واردات هذه السنة تجاوزت المليار دولار فقط عبر قطع الغيار التي تستوردها مصانع التركيب وسيارات المتعاملين الخواص، يأتي كل ذلك في وقت تستغرق إجراءات استيراد سيارة آسيوية أكثر من 3 أشهر، بمعنى أنه حتى في حال توزيع الرخص على المتعاملين شهر سبتمبر الجاري لن تصل السيارات الجديدة للجزائريين قبل جانفي 2018. من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي كمال سي محمد في تصريح ل"الشروق" أن تحقيق الاكتفاء الذاتي لقطاع السيارات في الجزائر لن يتم من دون تطوير فعلي لفرع صناعة وتركيب السيارات، وهو ما قال إنه يستغرق 3 سنوات على الأقل لتشكيل اللبنة الأولى، بحكم ضرورة اكتساب المنتج الجزائري الخبرة والتكنولوجيا والمهارة من الشريك الأجنبي.