تواصل احتياطات الصرف تآكلها للسنة الثالثة على التوالي، بداعي تراجع مداخيل النفط إثر تهاوي أسعاره في الأسواق العالمية منذ سنة 2014، حيث بلغت احتياطات الصرف شهر جويلية المنقضي حدود 105 مليار دولار فقط، حيث تراجع بنسبة تقدر بنحو 60 بالمائة منذ بداية الأزمة المالية، في حين نفد صندوق ضبط الإيرادات كليا في شهر فيفري الماضي. دقت الوثيقة التي تتضمن برنامج عمل الحكومة، التي صادق عليها مجلس الوزراء الأربعاء الماضي، ناقوس الخطر جراء "الصعوبات الحقيقية" التي تواجهها الميزانية الحالية للدولة، حيث حذر من النفاد المستمر لاحتياطات الصرف بعدما هبط من 193 مليار دولار في ماي 2014 إلى 105 دولار فقط شهر جويلية المنقضي، حيث فقدت ثلاثة ملايير دولار خلال شهر واحد فقط، في حين بلغ احتياطي الصرف نهاية ديسمبر من العام الماضي 114.1 مليار دولار، حيث حذرت الوثيقة من الحالة المقلقة للوضعية المالية للبلاد. وإن كانت الجزائر تستبعد وجود أي إمكانية للجوء إلى الاستدانة الخارجية بفضل تراكم احتياطات الصرف طيلة سنوات من البحبوحة المالية، إثر المستويات القياسية التي بلغتها آنذاك أسعار النفط في السواق العالمية، إلا أن ذلك لن يحول حسبما جاء في الوثيقة من بقاء الوضع الحرج على مستوى ميزانية الدولة، متوقعا اختتام السنة الحالية بصعوبات حقيقية، في حين أن سنة 2018 ستكون حسب توقعات الحكومة أكثر تعقيدا وصعوبة من الناحية المالية. وبالمقابل، قررت الحكومة طبقا لتعليمات رئيس الجمهورية استبعاد اللجوء إلى المديونية الخارجية وتبني مسعى مزدوجا يتمحور حول خارطة طريق لتقويم المالية العمومية وحول تعبئة تمويل داخلي غير تقليدي مؤقت، بهدف مواجهة الوضع الحساس الذي يمر به الاقتصاد الوطني، حيث سيسمح هذا النمط من التمويل للخزينة العمومية بقرض مباشر لدى بنك الجزائر لمواجهة العجز المالي وذلك لفترة انتقالية تمتد إلى خمس سنوات. وسيكون هذا مرافقا حسب برنامج عمل الحكومة بتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكفيلة بالمساهمة في تحسين فعالية وتنافسية الاقتصاد الوطني. وتظهر أرقام البنك المركزي أن احتياطي الصرف للجزائر تقلص ب30 مليار دولار بين ديسمبر 2015 وديسمبر 2016، حيث وصلت احتياطيات الصرف الجزائرية إلى 121.9 مليار دولار نهاية سبتمبر 2016 مقابل 129 مليار دولار نهاية جوان من نفس العام.
وفي السنوات الماضية، لاسيما بعد 2006، كانت احتياطيات الصرف الجزائرية تنمو بوتيرة عالية تصل أحيانا إلى 20 مليار دولار في السنة، حيث بلغت 77.8 مليار دولار في ديسمبر 2006 ثم 110.2 مليار دولار في نهاية 2007 ثم 143.1 مليار دولار بنهاية 2008 ثم 147.2 مليار دولار بنهاية 2009 ثم 162.2 مليار دولار بنهاية 2010، ثم 182.2 مليار دولار بنهاية 2011، ثم 190.6 مليار دولار نهاية 2012، قبل أن تصل إلى 194 مليار دولار نهاية 2013.