تعطش كبير للكتاب الجزائري خاصة في مجال التاريخ وأيضا الأدب. شباب في مقتبل العمر من سوريا ولبنان ومصر والإمارات والسودان وسلطنة عمان، يسألون عن الطاهر وطار وعن عبان رمضان. يعرفون تفاصيل الثورة التحريرية ويتحدثون بلغة الواثق العارف عن مجموعة ال22 وعن العربي بن مهيدي. يلتقون صدفة في الجناح، يتصفحون الكتب المعروضة ثم يتبادلون الحديث مع ممثلة الجناح وسرعان ما يتحول سؤال أحدهم إلى موضوع نقاش تتسع دائرته وتتجاوز مدته نصف ساعة. شغف غير طبيعي بتاريخ الجزائر وأبطال الثورة.. فهل يعرف الناشرون العازفون عن المشاركة أن القارئ في معرض الشارقة ليس فقط إماراتيا وأن هذه الإمارة هي مدينة عالمية تضم كل جاليات العالم؟ وهل تعي وزارة الثقافة أن مشاركة الجزائر ثقافية وليست تجارية، وأن الجزائر تستحق تمثيلا أدبيا وثقافيا في العالم العربي لا يقل عن تلك الضجة التي يحدثها وجودها في معرض باريس؟ أسئلة كثيرة تتزاحم وتتسابق في ذهني كلما أمر على جناح الجزائر وأشاهد الإقبال الكبير على العدد القليل والحضور الهزيل لكتابنا وناشرينا وما أكثرهم. واسيني.. رهان جناح "الجزائر" الرابح حاول جناح "الجزائر"، الذي استقبل زوار معرض الشارقة "خاويا"، في اليومين الأولين من انلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب، استدراك الموقف برهانه على رواية واسيني الأعرج الأخيرة "ليالي إزيس كوبيا". وشهد الجناح إقبالا ملفتا للقراء من مختلف الجنسيات العربية، بحثا عن الرواية التي لم يتم جلب إلا 30 نسخة منها، نفذت بسرعة البرق. وقع مساء الثلاثاء صاحب "أصابع لوليتا" روايته الأخيرة "ليالي إزيس كوبيا" بجناح الجزائر الذي تحول إلى قبلة الزوار الأولى. وتفاجأ أغلبهم بنفاد النسخ، ما اضطرهم إلى طلب التوقيع على روايات أخرى. وهو نفس السيناريو الذي حدث العام الماضي مع رواية "نساء كازانوفا"، التي نفدت في الساعات الأولى من انطلاق المعرض بسبب عدم جلب نسخ كافية. إطلاق الرواية من معرض الجزائر.. سيف ذو حدين ثمن واسيني في لقائه مع "الشروق" على هامش البيع بالتوقيع، الجهود التي بذلتها مديرة النشر في المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية وحرصها على أن تكون انطلاقة الرواية من معرض الجزائر وليس من معرض بيروت "أشيد بالجهود المبذولة وكيف نجحت المؤسسة في وقت قصير في أن أكون حاضرا بمعرض الكتاب بدل أن تطلق الرواية من معرض بيروت كما جرت العادة لمدة سنوات". وتأسف في معرض حديثه لأن قراءه في معرض الشارقة لم يتمكنوا من الحصول على الرواية بسبب إحضار نسخ قليلة جدا "سأكون حاضرا في معرض بيروت وفي معرض القاهرة في جانفي المقبل". واسيني يحضر في "حقيبة يد" والآخرون غائبون أكدت مديرة النشر بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ممثلة وزارة الثقافة، نوارة حسين، أن الرهان الذي كان على المؤسسة أن تربحه هو إطلاق رواية واسيني من معرض الجزائر أولا. وأشارت في لقاء مع "الشروق" إلى أن الظروف التي صاحبت مشاركة الجزائر هذه السنة في معرض الشارقة للكتاب كانت خاصة وعليه– بحسبها- إرضاء لزوار المعرض، جلبنا نسخا في حقيبة اليد حتى تكون الرواية حاضرة أيضا في هذا الحدث. مديرة النشر ل"إيناق" توضح أسباب التأخر تقول نوارة حسين إن السبب في تجهيز جناح الجزائر هو الإجراءات الإدارية والتسجيل الإلكتروني "كان هناك بعض المشاكل في ما يخص إجراءات الحصول على التأشيرة للجنة المنتدبة لحضور معرض الشارقة. قمنا بالإجراءات الإلكترونية ولكننا تفاجأنا بعدم وصول التأشيرة نهاية شهر أكتوبر. فتبين أنه كان هناك خلل في الموقع الإلكتروني. تحركت وزارة الثقافة بالتنسيق مع هيئة الشارقة وسفير الإمارات العربية المتحدة الذي نشكره على منحنا التأشيرة في ظرف يومين. بعد وصولنا كانت الكتب في مطار دبي وللحصول عليها كان يجب تفويض هيئة المعرض وختم من وزارة الثقافة. هذا معرض كبير والناشرون كثر وعليه فمثل هذه الأمور تحدث، حلت المشاكل ليلة الجمعة وجهز الجناح يوم السبت". زوار معرض الشارقة متعطشون إلى تاريخ الجزائر مرة أخرى، وخلال جولتنا بجناح وزارة الثقافة الجزائرية الذي يمثل أكثر من ناشر، لا نعثر على العناوين الجديدة. فكل ما أحضر هو كتب صدرت منذ سنوات وأخرى صدرت العام الماضي وفي أغلبها ليست لكتاب معروفين عربيا. ومن أغرب ما عايشته "الشروق" في الجناح هو إقبال بعض الزوار من سوريا والسودان بحثا عن الأدب الروسي المترجم إلى اللغة العربية. تم إحضار بعض روايات أمين الزاوي والطاهر وطار وتقريبا كل روايات واسيني الأعرج وبعض الأعمال لمحمد ديب وبشير مفتي والسعيد يوطاجين وكاتب ياسين وعبد الحميد بن هدوقة ومحيي الدين عميمور وكتب اللسانيات والتاريخ والطبخ الجزائري. ولاحظنا خلال وجودنا بالجناح إقبالا كبيرا على الكتاب الديني وتعلق الزوار بكل ما يكتب عن الثورة الجزائرية. لماذا لا يصل جديد الناشرين الجزائريين إلى معرض الشارقة تأسفت مديرة النشر نوارة حسين لأن جديد "إيناق" وكل الناشرين الجزائريين تقريبا لا يكون جاهزا قبل معرض الجزائر بأشهر، ولأن تاريخ فعاليات معرض الجزائر يتقاطع مع تاريخ تنظيم معرض الشارقة، فإن جديد الكتاب لا يصل إلى المعرض باعتبار الكتب التي تمثل جناح الجزائر يجب أن تصل قبل موعد انطلاق معرض الشارقة بما يقارب الشهر. وتوضح ل"الشروق": "نحرص على أن تكون الكتب المشاركة جديدة في التاريخ والفلسفة والأدب والفنون الجميلة لإعطاء لمحة عن الثقافة الجزائرية". وتؤكد أن أكثر الكتب مبيعا منذ انطلاق المعرض هي كتب اللسانيات والتاريخ. غياب كتاب وناشرين يمثلون جناح الجزائر يعتبر وجود الجزائر في معرض الشارقة للكتاب أو في غيره من المعارض العربية والأجنبية، تصديرا لصورة الجزائر الثقافية وربطا لعلاقة بين مبدعيها وبين القارئ العربي بشكل عام. ولكن الغريب أن حضورها الثقافي باهت ولا يعكس أبدا واقع الساحة الأدبية في الجزائر لا كما ولا كيفا. هؤلاء الناشرون حاضرون تحت مظلة الوزارة يضم جناح الجزائر إضافة إلى المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية كممثل لوزارة الثقافة كلا من دار الخلدونية ومنشورات بغدادي ومنشورات الاختلاف ودار الوسام العربي ودار الشهاب ودار التنوير وجسور للنشر والبصائر وكليك ودار الأمة ودار الهدى وتراث سيديا وزكي بوزيد وميم للنشر ومنشورات القصبة. ناشرون جزائريون خواص بوكلاء أجانب وتشارك الجزائر بعدد من دور النشر الخاصة مثل دار التنوير ودار ابن النديم ودار الميراث النبوي. دار الميراث النبوي مختصة في الكتاب الديني فقط ودار ابن النديم تتوفر أكثر على الكتاب الأكاديمي من دراسات نقدية وبحوث. ولكن الجناح الذي يحمل اسم الجزائر لا يتوفر على كتب جزائرية، فأغلبها كتب للبنانيين أو أردنيين. وممثلو الجناح من جنسيات عربية وأجنبية.