لم تعد البدانة مشكلا صحيا لأصحابها فقط بل شملت إسقاطاتها جميع المناحي، بعد أن طالت الهندام واللّباس، حيث يجد ذوو المقاسات الكبيرة في الجزائر مشكلا كبيرا في الحصول على ألبسة وأحذية تناسبهم، لاسيما مع قلة المحلات التي تعرض هذا النوع من المنتجات، وإن وجدوا ضالتهم فإن الأسعار لا ترحمهم وترتفع بنحو 20 بالمائة. وهي زيادة مبررة بحسب التجار والخياطين. يخوض البدينون وأصحاب المقاسات الطويلة في بلادنا رحلة بحث شاقة للعثور على قطعة لباس تسترهم وتظهرهم في أناقتهم التي يرفضون التخلي عنها، لكنهم لا يجدون في كل مرة مقصدهم خاصة الشباب منهم الذين يريدون مواكبة الموضة. وقصد الوقوف على الظاهرة عن كثب، طرقت "الشروق" أبواب بعض المحلات المتخصصة في بيع المقاس الكبير بالعاصمة واستطلاع رأي بعض الزبائن الذين عبروا عن سعادتهم باهتمام هؤلاء بهم.
محلات متخصصة في بيع المقاسات الكبيرة وفي هذا السياق، يقول مهدي، الذي يعمل في محل "الأنيقة" بالقبة، المتخصص في بيع المقاسات الكبيرة "big size"، إنهم تخصّصوا في هذا المجال لبيع الألبسة النسوية الجاهزة منذ نحو 8 سنوات تقريبا بعد أن لاحظوا ندرتها في السوق وكثرة الإقبال عليها من قبل ذوي الأحجام الكبيرة. وأكد مهدي أن زبوناته يعبرن دوما عن رضاهن وفرحتهن عندما يجدن ما كن يبحثن عنه، وهو ما جعلهن زبونات وفيات منذ سنوات يقصدنه في كل مرة وفي كل فصل.
ألبسة 5 مرات عريضة جدا للنساء وأضاف مهدي أنّ محلّه لا يعرض سوى الألبسة المحتشمة دون غيرها من الألبسة الفاضحة وهو من يصمم النماذج المراد تسويقها، وتصل المقاسات إلى غاية "5XL" أو5 مرات عريض جدا، وحسب مهدي دوما، فإن المقاس العريض يبدأ من 44 إلى غاية 64 بالنسبة إلى النساء. وهي كلها مقاسات متوفرة في الحمل غير أن الكبيرة جدا هي التي تنفد بسرعة. وفي ما يخص الأحذية النسائية، فالمقاس متوفر من 40 إلى 44. أما المقاسات الرجالية، فتصل إلى غاية" 10XL". وهي متوفرة من المقاس 50 إلى المقاس 80. أما الأحذية، فهي متوفرة إلى غاية المقاس 48 وأحيانا 50 و52. وعادة لا نجد محلات لبيع الأحذية ذات المقاسات الكبيرة، بل إن محلات الألبسة هي التي تخصص لهم ركنا فيها لتسهيل بحثهم، سواء كانت أحذية رياضية أم كلاسيكية. من جهته، قال محمّد، الذي التقيناه في محل" grand bazard" ببئر خادم المخصص لبيع الألبسة الرجالية، إن المحلات المتخصصة في المقاس الكبير قليلة جدا في الجزائر، وهو ما يفسر فرحة الزبون عندما يكتشف محلا من هذا النوع، ويصبح وفيا له على مدار سنوات، حيث يصبح هؤلاء زبائن دائمين يتواصلون أحيانا مع المحل بالهاتف عندما يرغبون في شراء قطع جديدة.
زبائن من مختلف الولايات يبحثون عن مقاسات تناسبهم ويتردد على هذه المحلات أشخاص بدينون من مختلف ولايات الوطن لدى زياراتهم إلى عائلاتهم في العاصمة. وحسب محمد، فإن لديه زبائن من ولايات جنوبية على غرار تمنراست وكذا من الغرب والشرق على غرار الشلف ووهران ومستغانم وكذا سكيكدة وعنابة. قلة العرض تجعل الزبائن يجوبون مختلف الولايات للظفر بما يبحثون بعيدا عن ورشات الخياطة التي أرهقت الجميع.
أسعار إضافية مقابل إرضاء رغبات ومقاسات البدناء وكشف تاجر آخر بمحل الأنيقة بالقبة أنّ 45 بالمائة من زبونات المحل البدينات يعتبرن الأسعار غالية رغم أنها غير ذلك إذا ما احتسبنا كمية القماش المستعمل الذي يفوق بكثير ما يستعمل عادة في المقاسات الصغيرة فهن مثل المثل الذي يقول: "يحبها سمينة ورخيصة"، مركزا على أن محله يعتمد أسعارا معقولة جدا. وصب رأي محمد في نفس المجرى عندما قال إن الفارق بين أسعار المقاسات الكبيرة والعادية لا يتعدى 20 بالمائة، وهي أسعار مدروسة جدا وأحيانا أقل بكثير. واستنادا إلى تصريحات محمد، فإن قلة من الزبائن من يتأفف من السعر والأغلبية تكون مسرورة جدا لأنه ليس من السهل العثور على المقاس المطلوب.
الصناعة النسيجية التركية فرّجت عن البدينين همّهم.. تتداول أغلب محلات الألبسة سواء الرجالية أم النسوية سلعا تركية بامتياز ونادرا ما نجد سلعا أوروبية أو صينية. وكشف مهدي أنّ تعاملات محله تتم مع متعاملين أتراك وفق تصاميم وموديلات يطلبها المحل وتصنّع لأجله، كما أكّد محمد أن الصناعة النسيجية التركية فرجت عن البدينين همهم ووفرت لهم غايتهم، فكل شيء ينتج ويصنع في تركيا، وهو ما خلق ارتياحا في المدة الأخيرة. غير أن انزعاج بعض الشباب والشابات يكون عادة بخصوص بعض التصاميم الدارجة في الموضة على غرار الضيق والمقطع. وهي غير متوفرة بشكل كبير بسبب حجم الشخص وفيزيولوجيته، حيث يعد من الصعب جدا بسبب عدم تناسق الجسم.
بدينون يتنفسون الصعداء بعيدا عن ورشات الخياطة عبر بعض البدينين الذين التقيناهم عن فرحتهم باهتمام تلك المحلات بتوفير ما يخصهم من لباس وأحذية، مؤكدين أن أغلبهم كان محروما من مواكبة الموضة وأنهم كانوا يلجؤون إلى ورشات الخياطة التي تصيب تارة وتخطئ تارات كثيرة. وحسب شهادة هؤلاء، فإن عدم وفرة اللباس الأنيق لهم يحرجهم كثيرا ويجعلهم دوما غير واثقين من أنفسهم حيث يحسون بأنهم دون غيرهم.