فضلت الكثير من العائلات الفرار من المدن وقضاء المولد في القرى والأرياف والمداشر، بحثا عن الهدوء والطمأنينة وهروبا من دوي المفرقعات وتجنبا لأضرارها ومخاطرها، خاصة أن احتفالات المولد النبوي تخلف سنويا مئات الجرحى والمعطوبين والمصابين بالحروق والعاهات المستديمة، ما دفع الأولياء إلى حبس أطفالهم في المنازل، فيما فضل آخرون التوجه إلى أماكن أكثر أمنا وسكونا. فرضت احتفالات المولد النبوي الشريف وما صاحبها من مظاهر التراشق بالمتفجرات وحرب الشوارع حظر تجوال على الجزائريين، الذين وجدوا أنفسهم محبوسين في منازلهم هروبا من الحرائق والعاهات ومختلف الإصابات التي قد تسببها المتفجرات والقنابل التي تحولت إلى لعب في أيدي الصغار والكبار. وباتت الأحياء الشعبية ممنوعة على المرضى والمسنين والحوامل بسبب المواد السامة والدخان الناجم عن المفرقعات الذي يحول كل عام سماء المدن الكبرى إلى غازات سامة لها تأثير سلبي على صحة المرضى، ما دفع كلا من مصالح الحماية المدنية ووزارة الصحة وجمعيات المستهلكين إلى تحذير الأولياء من المخاطر الناجمة عن المفرقعات التي من شأنها أن تتسبب في بتر الأعضاء وفقدان الحواس فضلا عن الحروق والعاهات التي جعلت من مناسبة المولد النبوي إلى ذكرى حزينة لكثير من العائلات التي أصيب أحد أبنائها جراء استعمال المفرقعات. ولتفادي هذه المظاهر فضل الكثير من الجزائريون قضاء المولد النبوي الشريف بعيدا عن الصخب ودوي الانفجارات والغازات السامة، بتوجههم إلى القرى والمداشر ومنهم من فضل زيارة الولايات الجنوبية التي تحتضن كل عام احتفالات تقليدية تستقطب الأجانب أكثر من الجزائريين. والغريب في احتفالات المولد النبوي الشريف هذا العام هو إقبال الكبار على شراء المفرقعات التي كانت تقتصر في وقت سابق على الأطفال، وهذا ما يعبر عن الأبعاد الخطيرة التي باتت تميز الاحتفالات، حيث تتحول أغلب أحياء المدن الكبرى إلى حرب شوارع حقيقية يميزها التقاذف بالمتفجرات والمحرقات بين الشباب والكهول، لتتحول هذه الألعاب النارية إلى أحداث مأساوية تتسبب كل عام في مخلفات حرب حقيقية وحتى وفيات على غرار ما تم تسجيله العام الفارط من تعرض 20 منزلا لحرائق كارثية وتسجيل ثلاث وفيات فضلا عن مئات الجرحى..