غانا تنقد شرف القارة السمراء معلوم أن كل الشعوب الإفريقية استبشرت خيرا لدى صدور قرار الفيفا بمنح حق تنظيم مونديال 2010 لجنوب إفريقيا، يومها فرحوا وهللوا وأقاموا الأفراح والأعراس، اعتقادا منهم أن المنتخبات الإفريقية الستة المشاركة سترفع التحدي طالما أن المنافسة ستجري فوق أراضيها وممثلو القارة السمراء سيجدون كل الدعم من الجماهير الجنوب إفريقية، وحتى الأنصار سيسهل عليهم التنقل إلى بلد مانديلا من أجل مؤازرة ممثليها، المهم أن الكل بارك ذلك الاختيار التاريخي الذي رفع الغبن عن القارة الإفريقية التي لم تعد في نظر الرأي العام الدولي قارة الفقر والأمراض وخاصة التخلف، والحمد لله أن كل تلك المشاهد والمخاوف التي سبقت الدورة بددها الواقع، فكانت جنوب إفريقيا في مستوى التطلعات وحفظت بحق ماء الوجه، عكس المنتخبات الستة التي بدأت تتناثر كما تتناثر أوراق الخريف، فخرجت جنوب إفريقيا، ونيجيريا، الكاميرون وكوت ديفوار، والجزائر، وتبقى غانا الوحيدة التي كتب لها الذهاب إلى الدور المقبل، وكل المعطيات الأولية ترشحها للخروج هي الأخرى طالما أنها تفتقد لكل المؤشرات التي تضعها في خانة المنتخبات القادرة على مزاحمة الكبار. * اهتمام خاص من الحكومات والنتائج غائبة * ربما يجهل الكثيرون أن تسيير المنتخبات الإفريقية يتم من على أعلى المستويات، حيث يسخر مسؤولو الدول الإفريقية كل الإمكانات المادية والبشرية لمنتخب كرة القدم لا سيما ما يتعلق بالمدربين، حيث تحرص على جلب أحسن المدربين الأجانب، وهي تتحمل على عاتقها دفع رواتب المدربين مهما قدرت القيمة المالية، والتقنيون أنفسهم لا يقدمون حسابات في بعض الدول حساباتهم لرؤساء الإتحاديات، بل للمسئوول الأول في الدولة وبالتالي فمنتخب كرة القدم في بلدان إفريقيا السوداء أمر مقدس ولا شيء يضاهيه ويعلو عليه، حيث تصرف من أجله ملايير الدولارات ولكن للأسف الشديد النتائج غائبة، والأفارقة مثلما تجمع مختلف الانطباعات يملكون أحسن الأسماء في صفوفهم، نجوم يلعبون لأحسن الأندية الأوروبية ويصنعون الفرجة في أجمل وأقوى البطولات على غرار دروغبا، إيتو، إيبواه وغيرهم، لكن لما يتعلق الأمر بالألوان الوطنية لا تكاد تعرفهم فوق الميدان من شدة تواضع مستواهم الفني ومردودهم ولا أحد يشهد لهم بذلك التفوق الكبير. * والدليل المستوى المتواضع الذي قدمته منتخباتهم دائما في المونديال وما حدث هذه المرة في جنوب إفريقيا يندرج في نفس القاعدة، فهاهي نيجيريا تغادر المنافسة مبكرا، وتلتها كوت ديفوار التي ورغم تواجد ديديي دروغبا، يايا توري، كولو توري إيمانويل إيبويه سالومون كالو وغيرهم من النجوم الكبار اكتفت بالمشاركة من أجل المشاركة، شأنها شأن منتخب جنوب إفريقيا الذي صرفت من أجل تحضيره مبالغ ضخمة جدا، وجلب لأجله المدرب البرازيلي القدير بيريرا، وتنقل حتى إلى البرازيل من أجل التحضير، غير أن منطق الميدان لفظه، ومصير المنتخبات الأخرى قد يكون نفسه. وأكثر من ذلك منتخب غانا الذي ظهر في البداية قويا، لكنه لم يواصل بنفس النسق، وتأهل إلى الدور الثاني دون إقناع. * * عقدة النقص متواصلة والحلول منعدمة * الظاهر أن المنتخبات الإفريقية ورغم التقدم الذي أحرزته لا سيما في المواعيد القارية بينها، غالبا ما تدخل المباريات الدولية الكبيرة بمركب نقص واضح، حيث تتخلى عن كل تلك المهارات العالية، وتلعب من أجل اللعب فقط وهي مستسلمة للمنافس وكأنها تعترف له بتخلفها أمامه وبأنها قادمة من قارة الفقر والأمراض، والحقيقة أنها أحسن منه على كل الأصعدة ما عدا في النفوس حيث غالبا ما تفكر بمنطق انهزامي لا مثيل له، وهو ما يجعله يقبل بالهزيمة مهما كان المنافس بينما لما يتعلق بالمنتخبات الإفريقية تشاهد منتخبا آخر، فكم من مرة وصلت فيها المنتخبات الإفريقية للمونديال؟ أكيد لا تعد، فباستثناء الكاميرون الذي أحدث المفاجأة سنة 1990 عندما وصل إلى الدور ربع النهائي، لا أحد حقق أحسن منه فيما بعد رغم أن روجي ميلا وفي تلك الدورة نجح في إزالة كل تلك العقد معيدا للكرة الإفريقية سمعتها وهيبتها الدوليتين، غير أن الدورات المتعاقبة لم تحمل أي انتفاضة أخرى، وكل هذا في نظر العارفين دليل على عقدة التخلف التي تظل تلازم منتخبات القارة السمراء، فإلى متى يستمر الوضع، أما آن الأوان لنتخلص منها طالما أن جل اللاعبين الأفارقة يلعبون في أكبر وأقوى الأندية والبطولات؟ أم أن ثمة عوامل أخرى تبقي تلك التبعية العمياء