راقبوا أولادكم.. احذروا من انطوائهم وانعزالهم.. تابعوا مستواهم الدراسي.. واحرصوا على تصرفاتهم ..هي أهم النصائح التي يقدمها مختصون في مكافحة الجريمة الالكترونية للجزائريين لتجنب وقوع أبنائهم في فخ "لعب الانتحار"، على شاكلة "بلو وول" أي "الحوت الأزرق"، "ومريم الشيطانة"، وغيرها من لعب الرعب التي تلعب على الأوتار النفسية لدى مستخدميها من فئة القصر. عالم مثير حقا اكتشفناه ونحن ندخل لأول مرة مصلحة مكافحة الجريمة الالكترونية التابعة للشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني بالعاصمة، بطاقمه الشاب المتميز، مما يجعل من المصلحة دعما كبيرا يساهم فيه محققون أكفاء ومختصون تقنيون في مكافحة الجرائم المعلوماتية والسيبرالية، 24 ساعة على 24 ساعة بفضل جنودها الذي أطلق عليهم .."صواعق الفضاء الأزرق". وقفنا على كيفية عمل الجيش الالكتروني المختص في محاربة الجريمة المعلوماتية، حيث أن الكل في موقعه والتعليمات تقول: "لا مجال للخطأ"، من خلال المراقبة الدقيقة لكل المواقع الخطيرة على الجزائريين أو تلك التي تستعملها الجماعات الإجرامية والإرهابية لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية أو التحريضية، حيث تشير الإحصائيات الرسمية التي تحوز عليها "الشروق"، لغاية شهر أكتوبر الماضي، إلى أن 19 مليون جزائري يملكون حسابات إلكترونية.
الجرائم الالكترونية.. نقاط تحت أعين "النمور الزرقاء" الساعة كانت تشير إلى التاسعة ونصف صباحا، عندما وصلنا إلى مقر المصلحة الكائنة بمقر مديرية الشرطة القضائية بشاطوناف بالأبيار، أول ما لفت انتباهنا هو الهدوء التام للمكان، مع حركة كثيفة لعناصر الشرطة القضائية كل في مجال اختصاصه، لم نكن نعلم أن الملايين من المواقع الالكترونية يمكن مراقبتها ليلا ونهارا و7 أيام على 7 أيام، من طرف جنود خفاء بذلك الحجم، يبدو أن الدخول إلى المصلحة ليس كالخروج منها..هو الانطباع الأول الذي تبادر إلى ذهني وأنا أقف وأتمعن وأدقق في كل صغيرة وكبيرة، أجهزة دقيقة.. تكنولوجيا متطورة.. الكل منهمك ومنشغل في عمله، وسط أجواء عمل حقيقية، يحضر فيها العقل والضمير المهني والاحترافية ويغيب فيها الخمول وقلة التركيز، لأنه لا مجال للخطأ وكل حلقة إلكترونية يتم تجاهلها يمكن أن تتحول إلى دليل رقمي، ولو حدث ذلك سيكون الثمن غاليا جدا.. لأن أسرار الآلاف من المؤسسات والهيئات السيادية والملايين من الجزائريين ستتعرض للخطر في حالة التهاون وعدم الإبلاغ بالخطر القائم.
الدليل الرقمي.. سلاحكم وحنكتكم استقبلنا رئيس مصلحة مكافحة الجريمة الالكترونية عميد الشرطة السعيد البشير وعدد من ضباط الشرطة، حيث كشف لنا عن الدور الذي تلعبه مصلحة مكافحة الجريمة المعلوماتية عبر ولايات الوطن، والتي تعمل 24/24 من خلال الدوريات السبيرالية التي يشرف عليها المختصون لاكتشاف أي خطر قادم من الفضاء الالكتروني لرد الهجمات الالكترونية أو احتمال إرسال الفيروسات والبرامج الخبيثة، علاوة على العمل مع مراكز البحث الدولية ومعالجة مختلف القضايا التي تصل عن طريق المواقع الالكترونية التابعة لمديرية الأمن الوطني أو عن طريق التبليغ أو الشكاوى، وذلك باستعمال تقنيات حديثة ومتطورة. وأوضح المتحدث أن التحدي الكبير الذي يواجهه المحقق أثناء إجراء التحقيق، هو الكيفية التي يصل بها إلى الكشف عن الهوية الالكترونية للمجرم، وذلك من خلال جمع الأدلة الكافية وهو ما يعرف بالدليل "الرقمي" في الفضاء الافتراضي والقبض عليه، ومن ثم تقديمه إلى العدالة. بعدها انتقلنا إلى القلب النابض والعلبة السوداء لمراقبة المواقع الالكترونية، والمنتديات التحريضية وكل ما يخص الجريمة المعلوماتية، وهي مصلحة الأدلة الرقمية، إذ وقفنا على عمل فرق محققين أكفاء ومختصين تقنيين في مكافحة الجرائم المعلوماتية، واكتشفنا في عين المكان كيف يتم استغلال الأطفال والقصر باستعمال الألعاب الالكترونية، التي بالرغم من أنها وسيلة للتسلية والمتعة، لكن البعض حوّلها إلى ألعاب قاتلة على غرار لعبتي "مريم" و"الحوت الأزرق"، التي ظهرت مؤخرا في العالم، وباتت تنطوي على تهديد مباشر لحياة هذه الفئة الهشة من خلال اعتمادها على غسل دماغ المراهقين وتنويمهم مغناطيسيا وشحنهم بالأفكار السلبية، مثل الضياع والكراهية وبث بداخلهم الإحساس بعدم جدواهم. كما يتحكم مخترعو هذه اللعب كغيرها من اللعب الخطيرة التي اجتاحت مواقع الأنترنت وكذا التواصل الاجتماعي بشكل مباشر، في شخصية المراهقين عبر تكليفهم بعدد من المهام الغريبة، مثل مشاهدة أفلام الرعب والاستيقاظ في ساعات الفجر والعمل على إيذاء النفس والوقوف على الأسطح العالية ورسم صورة حيوانات على أجسادهم بآلة حادة، وبعد استنفاد قواهم في نهاية اللعبة، يطلب منهم الانتحار، وفي حال قرر المراهق الانسحاب من اللعبة أو عدم تنفيذ أمر يتم تهديده بإيذاء أسرته، ما يجعله يستسلم لطلب اللعبة ويقتل نفسه بسبب التهديدات.
"بلو وول" لعبة الانتحار.. وما خفي أعظم وقفنا أيضا على جرائم أخطر من "بلو وول" أي الحوت الأزرق، التي كانت مجرد القطرة التي أفاضت الكأس، على غرار كيفية تعرض العديد من الفتيات والمراهقات والنساء للابتزاز والتشهير والتهديد بنشر صورهن وكذا الكشف عن أسرار العائلات والأسر، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط بل إن الجريمة المعلوماتية، كما وقفنا عليه أيضا بمصلحة مكافحة الجريمة الالكترونية باتت تستهدف المؤسسات والشركات، من خلال الاستيلاء على المعلومات وسرقة قاعدة معطياتها وما خفي أعظم...؟ أما فيما يخصّ الجرائم الالكترونية المتعلقة بالجماعات الإرهابية المتطرفة، فإن فرق مكافحة الجريمة الالكترونية التابعة للأمن الوطني فهي كغيرها من المصالح الأمنية الأخرى التي تلعب دور اليقظة والرقابة والتنبيه من جميع الأعمال الإرهابية وكذا الإشادة بها، والتي تعمل بالتنسيق مع أجهزة أمنية دولية لمكافحة جميع أنواع الجرائم الالكترونية، خاصة التي يتورط فيها أشخاص يقيمون خارج التراب الوطني.
احذروا.. جرائم القطاع المالي الخطر القادم كشف رئيس مصلحة مكافحة الجريمة الالكترونية بالشرطة القضائية، أنه من بين الأخطار المتوقعة التي ستشهدها الجزائر في الأشهر القليلة المقبلة هي الجرائم المتعلقة بالقطاع المالي مع دخول التجارة الالكترونية، التي تتم فيه كل عمليات شراء وبيع السلع والخدمات والمعلومات عبر شبكة الانترنت والشبكات التجارية الأخرى، ومن خلال تبادل البيانات الكترونيا، وكذلك تعديها للحدود الزمنية والمكانية التي تقيّد حركة المعاملات التجارية، حيث ستقوم عصابات إجرامية مبحرة في العالم الافتراضي بقرصنة البطاقات البنكية والاستيلاء على المعلومات الشخصية والكلمات السرية، الخاصة ببطاقات الائتمان عن طريق ما يسمى ب "الفشينك" لسرقة أموال المواطنين، مع خلق الصفحات المزورة باسم البنوك خاصة المعروفة وكذا بريد الجزائر، وأضاف ذات المسؤول الأمني أنه ومع ازدياد الاعتماد على الفضاء الالكتروني لتناقل الأموال والتجارة بواسطة البنية التحتية لهذا الفضاء، يزداد في المقابل نضج ووعي المحتالين، ولصوص الفضاء الجديد الذين يطلق على هؤلاء الأشخاص "الهكارز"، وهذه الشريحة التي يكمن نشاطها في أعمال نوعية ترتكز على التنسيق والإعداد الجيد لهجماتهم لتكون أكثر فعالية، وذات عوائد مالية عالية، من خلال استخدامهم لوسائل التكنولوجيا والبرمجة الحديثة التي تعتمد من قبل شركات البرمجة والمعلومات الالكترونية، حيث أصبحت هذه المواد والوسائل متداولة بأيدي الجميع.
1500 جريمة إلكترونية والقائمة مفتوحة أكد رئيس مصلحة مكافحة الجريمة الالكترونية بمديرية الشرطة القضائية للمديرية العامة للأمن الوطني عميد شرطة بشير السعيد أن التحقيقات جارية ولا تزال قائمة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء انتحار الأطفال في كل من عين أولمان بسطيف وبجاية، للتأكد من أن لعبة الحوت الأزرق وراء وضع حد لحياتهم، مؤكدا أن الرأي العام سيطلع على أسباب انتحارهم فور انتهاء التحقيقات التي تعتبر حاليا سرية لإكمال العمل الأمني. وقال بشير السعيد المختص في مكافحة الجريمة المعلوماتية، إن كل أطراف المجتمع تولي اهتماما واسعا لمخاطر الألعاب الالكترونية وعلى رأسها لعبة "الحوت الأزرق"، التي أثارت اهتمام الجميع خلال هذه الفترة، مشيرا إلى الدور الريادي الذي لابد أن تلعبه الأسرة لحماية أبنائها من الأخطار المحدقة بها من الشبكة العنكبوتية من خلال المراقبة المستمرة للأبناء ومتابعتهم وكذا التبليغ عن الأخطار التي يلاحظونها.
عصابات إجرامية تترصّد أطفالكم عبر الأنترنت وحذر ممثل المديرية العامة للأمن الوطني، من مغبة استغلال أطفالهم من طرف مجموعات إجرامية ومنعهم عن زيارة المواقع الخطيرة التي تدفع بالأطفال إلى الانتحار واستعمال العنف مع استعمال برامج التحصين والرقابة الأبوية التي تسمح بمعرفة المواقع التي يزورها الطفل، إلى جانب منعهم من المحادثات المصورة بالكاميرا واقتسام الصور مع أشخاص غرباء عن العائلة، وكذا إبلاغ مصالح الأمن المختصة في المجال عن تلقي رسائل أو ظهور مواقع مقلقة أو مخيفة أو مشبوهة، وأشار المتحدث بشأن الألعاب الالكترونية الخطيرة إلى أنها تستدعي البحث والتحري، حيث ضرب مثالا بلعبة "الحوت الأزرق" التي بحث عنها آلاف الجزائريين عبر محرك البحث "غوغل"، مما يستدعي البحث حول طرق انتشارها، خاصة أن هذه الألعاب تجعل الطفل يتواصل مع مجهولين وهم المدير والمسيرين لها، وغالبا ما تصل الطفل رسائل منهم يتم من خلالها استدراجه، وهنا نبه الآباء إلى أهمية متابعة كل التفاصيل التي تخص أبناءهم خاصة في العالم الافتراضي. وفي رده عن السؤال المتعلق بعدد القضايا التي تم تسجيلها في إطار مكافحة الجريمة الالكترونية، كشف المسؤول الأمني عن عدد القضايا التي عالجتها مصالحه في مختلف مجالاتها، وقال إنه خلال السنة الجارية أي من جانفي حتى أكتوبر المنصرم، تم تسجيل 1500 قضية في الجرائم الالكترونية، مؤكدا أن عدد القصر المتورطين فيها قدر ب 54 قاصرا يقابله 104 متورط في 2016، كما بلغ عدد الضحايا القصر السنة الجارية 95 ضحية مقابل 138 ضحية العام الماضي، مرجعا هذا الانخفاض إلى الحملات التحسيسية التي أتت أكلها وكذا ارتفاع درجة التوعية وثقافة التبليغ من قبل الآباء الذين يشاركون الأمن هواجسهم وخوفهم. كما عرّج عميد شرطة بشير السعيد على عدد من القضايا الخطيرة التي تم معالجتها على غرار جرائم القذف، التشهير، الابتزاز والتهديد، الاحتيال عن طريق استعمال مواقع التواصل الاجتماعي من خلال وعود بتقديم خدمات وهمية مقابل مبالغ مالية معتبرة دون الحصول على الخدمة المرجوة، كما اجتاحت تجارة المخدرات والأقراص المهلوسة كذلك العالم الافتراضي.
ممثل مكتب حماية الأشخاص الهشة بالشرطة القضائية: 50 فرقة لحماية الجزائريين من أوامر "الحوت الأزرق" ومن جهته كشف ممثل عن مكتب حماية الأشخاص "الهشة" بمديرية الشرطة القضائية ملازم أول للشرطة فيصل بن حليمة أن الدراسة التي أجريت على لعبة "الحوت الأزرق"، أكدت أن مسيّروها يوّجهون أوامر تنفيذية للأطفال والقصر باعتبار أن هذه الفئة حساسة وغير واعية، وبالتالي فإن الانصياع للأوامر يكون سهلا. وعلى هذا الأساس يقول محدثنا، توجد علامات واضحة تستطيع أن تكتشف من خلالها دخول الطفل إلى هذا العالم الخطير على غرار قلة النوم والتركيز، والنهوض باكرا أو النوم متأخرا، تراجع رهيب في المستوى الدراسي ورسومات غريبة على أجسام هؤلاء، إلى جانب الانعزال والإنفراد والعدوانية. ودعا ذات المسؤول الأمني، الأولياء إلى توخي الحيطة والحذر من كل تصرف غريب يصدر عن أبنائهم، مؤكدا أن المديرية العامة للأمن الوطني تولي عناية خاصة لحماية الأطفال من خلال إنشاء 50 فرقة لحماية الأشخاص الهشة، وهذا بالتنسيق مع فرق مكافحة الجريمة الالكترونية. كما حذر الأولياء بضرورة العودة إلى ذاكرة الكمبيوتر وتصفح المواقع التي تمت زيارتها من طرف الأبناء في كل مرة، مع عدم السماح للأطفال باستخدام بريد إلكتروني منفصل، أو الدردشة الالكترونية مع الأهل وتفادي الغرباء وكذا تلقين الطفل بضرورة إبلاغ الوالدين بأي تهديدات أو أي طلب معلومات عنه من طرف أصدقاء عبر الأنترنت.