تم إطلاق اسم الملحن المصري محمد فوزي على المعهد العالي للموسيقي بالعاصمة بحضور وزير الثقافة ووزير المجاهدين وعدد من الفنانين والمثقفين يتقدمهم الوفد المصري بحضور حفيد محمد فوزي عمرو منير. قال وزير الثقافة على هامش حفل التدشين أن هذه الخطوة التي تأتي بأمر من رئيس الجمهورية تعبر عن وفاء وعرفان الجزائر بجهود الذين دعموها ووقفوا إلى جانبها في سنوات الاستعمار الحالكة، وأضاف الوزير قائلا هذا اليوم 17 ديسمبر سيتم تسجيله كلحظة تاريخية فارقة في مسار عرفان الجزائر بجهود أصدقائها وأشقائها و كذا قوة الروابط بين الشقيقين مصر والجزائر. ونوه ميهوبي بدور هذه القامة المبدعة في تقديمه النشيد هدية للشعب الجزائري، بل وقام بدفع تكاليف الفرقة الموسيقية التي رافقته كمساهمة منه في الثورة ودعم كفاح الشعب الجزائري. من جهته اعتبر مدير المعهد العالي للموسيقي عبد القادر بوعزارة في كلمته أن هذه الخطوة ليست غريبة على الشقيقتين مصر والجزائر، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواقف المصيرية، حيث يسجل التاريخ -يقول بوعزارة- الكثير من تلك المواقف بين البلدين، ويأتي تكريم محمد فوزي الملقب بملحن "السهل الممتنع" عرفانا من الجزائر بدعم الشقيقة مصر وبموقف ابن النيل الحقيقي تجاه القضية الجزائرية. حيث طاف النشيد الوطني الجزائري الذي كتبه شاعر الثورة مفدي زكرياء من الجزائر "محمد الثوري" إلى تونس "محمد التريكي" ليستقر في مصر ويأتي على يد محمد آخر. هذا وقد تم تكريم حفيد محمد فوزي عمرو منير من طرف ميهوبي بمنحه موندول جزائري، كما عزف كورال المعهد مقطوعات موسيقية جزائرية ومصرية على شرف الوفد الحاضر وأداء أغنية "بالله يا حمامي" للشيخ محمد الطاهر الفرقاني.
عبد الرحمان قروي أول من لحن وعزف مقدمة النشيد الوطني عندما أنهى محمد فوزي تلحين قسما، وجد الجزائريون أن النشيد تنقصه مقدمة تليق بجو الثورة وكلفوا هارون الرشيد بإيجاد هذه المقدمة، وهو بدوره كلفني بالبحث في هذا الجانب وأنا كنت استمع في تلك الفترة إلى طبوع مختلفة بما فيها الجاز. قمت بالتجربة الأولى والثانية والثالثة، لكنها لم تعجب الأستاذ هارون، في فترة الاستراحة ناداني الأستاذ مصطفى سحنون وقال لي تخيل انك في معركة بين المجاهدين والعساكر الفرنسيين يتبادل فيها الطرفان إطلاق النار فقمت بتصور المعركة وقمت بالتجربة الأولى التي أعجبت هارون الرشيد دخلنا الأستوديو للتسجيل فكان النشيد الذي تعرفونه اليوم، وهذا لا ينقص طبعا من عبقرية التلحين لمحمد فوزي الذي قال عندما أخبروه أن الجزائريين أضافوا لك مقدمة، قال أنهم أضافوا تاجا لعبقريتي.
الموسيقار مصطفى سحنون تكريم محمد فوزي مبادرة تأخرت قليلا ولكننا نرحب بها ونباركها ونرجو أن تكون بداية لتكريم كل الفنانين الذين وقفوا مع الجزائر وساعدوها وخاصة أن يتم التكريم في حياة أصحابه. بالنسبة لمحمد فوزي فقد كان عبقري تلحين وفنانا كبيرا، أصر على تلحين قسما وتقديمه هدية للثورة الجزائرية، وأكد لمدير صوت العرب احمد سعيد عندما قال له سأعطيك نشيدا آخر، قال له أنا مصر على تلحين نشيد الجزائر. كان يريد المساهمة في الثورة والكفاح المسلح حتى انه تمنى الالتحاق بجبال الثورة.
محي الدين عميمور هذه ليست أول مرة يتم فيها تكريم محمد فوزي، فقد سبق وأن كرم في العيد العاشر للاستقلال في 1972 عن طريق تكريم أخته هدى سلطان من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين. فالجزائر دائما وفقا لمن وقف بجانبها وساعده. محمد فوزي كان فعلا عبقري تلحين، اشتهر بالتخصص في الأغاني الخفيفة ولما جاءته فرصة تلحين قسما، جماعة صوت العرب شكوا في تمكنه من القيام بالمهمة، لكنه أصر عليها وقدم فعلا لحنا رائعا الذي أهداه للجزائر ورفض اخذ مقابل مالي عن جهده، بل بالعكس، قام بدفع تكاليف الفرقة الفنية من جيبه كمساهمة منه في دعم الثورة الجزائرية، كما يليق بابن مصر فعلا.