تعتبر 2017 أسوأ سنة من ناحية تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية أو ما بات يعرف شعبيا ب"الحرقة"، حسب تقارير حكومية وغير حكومية أعدتها الدول الأوروبية التي باتت الوجهة الأولى للمهاجرين غير الشرعيين كإيطاليا، إسبانيا واليونان. وتضع الأرقام المُعبر عنها لعدد الجزائريين الذين لقوا مصرعهم في عرض البحر، عدة وزارات في حرج على المستويين الداخلي والخارجي. تأسفت المنظمة غير الحكومية "المفوضية الاسبانية لمساعدة اللاجئين" من موجة المهاجرين عبر البحر المتوسط نحو إسبانيا، بعدما لاحظت أن عدد الوافدين إلى سواحلها من المهاجرين الجزائريين والمغاربة شهد ارتفاعا إلى ثلاثة أضعاف في رحلات خطيرة أودت بحياة أكثر من 200 شخص. وذكرت بأن "الحصيلة تبقى مؤسفة في نهاية هذا العام". وبهذا الخصوص، قال كارلوس ارسي من جمعية الحقوق الإنسانية في الأندلس في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أنه وعلى غرار السنوات الفارطة تم تسجيل زيارة كبيرة في الأشخاص المنحدرين من الجزائر. واستند الحقوقي الاسباني في حديثه عن الأسباب الدافعة لهؤلاء لترك بلادهم والتوجه نحو إسبانيا إلى "الوضع الاقتصادي الذي تدهور في السنوات الثلاث الأخيرة في الجزائر" التي تأثرت بتراجع أسعار النفط وعائداتها من القطاع الأجنبي" حسبه. وشهدت اسبانيا في نوفمبر الفارط جدلا حادا عندما وضع حوالى 500 مهاجر معظمهم من الجزائريين في سجن في بلدة أرخيدونا في الأندلس. وقال اليخاندرو كورتينا، مدير جمعية ملقة لاستقبال اللاجئين إنه في الأسبوعين الأخيرين طُرد "مئات الأشخاص إلى الجزائر" بينهم "عدد كبير من القاصرين". وصرح وزير الداخلية الاسباني "لا يمكننا قبول بقاء هؤلاء الأشخاص أحرارا بذريعة وصولهم في مراكب وأننا نستطيع إنقاذهم". لكن خوسيه فيلاهوز محامي جمعية الجزيرة الخضراء لاستقبال اللاجئين قال إن "الحرمان من الحرية يجب أن يقتصر على الذين يرتكبون جنحا وهذا لا ينطبق" على المهاجرين". وقالت المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الشهر الماضي أن هؤلاء المهاجرين "يستخدمون كل الوسائل للوصول إلى اسبانيا (بحرا) من الجيت سكي وألواح الركمجة والزوارق المطاطية والمراكب الخشبية التي تنقل أحيانا أكثر من ستين شخصا". في حين تفيد آخر أرقام نشرتها منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة أن عدد الذين لقوا حتفهم في المتوسط انخفض من 4967 في 2016 إلى 3116 هذه السنة، لكن عدد الذين لقوا مصرعهم خلال سعيهم للوصول إلى إسبانيا ارتفع إلى أكثر من 223 مهاجر. ومن شهر جانفي إلى 21 كانون ديسمبر 2017، وصل 21 ألفا و468 شخصا إلى المياه أو السواحل الاسبانية مجازفين بحياتهم في مراكب هشة بعد دفع أموال لمهربين، أي أكثر بحوالي ثلاث مرات من 6046 الرقم الذي سجل العام الماضي. وحسب مراقبين فإن هذه الأرقام المخيفة عن تنامي ظاهرة الحرقة تضع الحكومة أمام التزاماتها على المستويين الداخلي والخارجي، لمحاصرة الهجرة غير الشرعية، خاصة وأن عدد ضحايا قوارب الموت في تصاعد مستمر، حتى وإن حاول الجهاز التنفيذي تبرئة نفسه بأن" هؤلاء الشباب الذين يغادرون بلادهم ويعرضون حياتهم إلى الخطر ليس لغياب العمل وإنما بحثا عن طريقة عيش تجلبهم إليها الأوهام وتدفعهم إليها بعض السلوكات" على حد قول الوزير الأول أحمد أويحيى.