بتخطي سعر برميل النفط في الأسواق الدولية، عتبة 70 دولارا، تكون الحكومة قد تمكنت من استئناف عملية ضخ موارد جديدة لصندوق ضبط الإيرادات الذي عرف عملية "تشميع" نهاية شهر سبتمبر الماضي، بعد أن جفت منابع التمويل وسحب الجهاز التنفيذي من هذا الحساب قرابة 749 مليار دينار، أي 74900مليار سنتيم لتغطية عجز الميزانية، ولجأت الحكومة إلى أموال السندات لتغطية باقي العجز. تنفست الحكومة الصعداء بتخطي سعر برميل البترول عتبة 70 دولارا، وأعطت إشارات بإمكانية استئناف تمويل صندوق ضبط الإيرادات الذي تكفل الوزير الأول أحمد أويحيى مهمة إعلان نضوبه أو "تشميعه" إلى حين، وعلمت "الشروق " من مصادر مسؤولة بوزارة المالية إمكانية استئناف تمويل صندوق ضبط الإيرادات أو ما يعرف بعكاز الحكومة لمواجهة الطوارئ، وبالعامية "شحيحة" مواجهة عجز الميزانية هذه الأيام، وفي حال استقرت الأسعار على ما هي عليه في السوق الدولية أي بفارق عند حدود 20 دولارا في البرميل الواحد عن السعر المرجعي المعتمد من قبل الحكومة في قانون المالية للسنة الجارية. وكشفت حصيلة قدمتها وزارة المالية للوزارة الأولى قبل استئناف عملية تمويل الصندوق أن الاقتطاع من صندوق ضبط الإيرادات سمح خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الماضية، بتغطية 83 بالمائة من عجز الخزينة المسجل خلال والذي بلغ قرابة 2ر946 مليار دينار، إذ تم اقتطاع قرابة 749 مليار دينار من الصندوق لتغطية عجز الخزينة ما بين جانفي وسبتمبر 2017، في حين تمت تغطية 207 مليار دينار من عجز الخزينة باللجوء إلى تمويلات غير البنكية، أي من تلك الأموال المحصلة عبر السندات البنكية التي أوجدتها حكومة عبد المالك سلال لمواجهة الأزمة المالية ونقص السيولة سنة 2016. هذا العجز الذي أرجعه تقرير الحكومة الى تقديرات الحكومة التي جعلت إعداد قانون المالية للسنة الماضية على أساس سعر مرجعي لبرميل النفط ب50 دولارا، في حين أن السعر المتوسط للبرميل تجاوز بقليل هذا المستوى في الأسواق العالمية خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، وقدر متوسط سعر برميل النفط الجزائري بقرابة 53 دولارا ما بين جانفي ونوفمبر من السنة الماضية. أما باقي عجز الميزانية الذي تجاوز 25 مليار دينار أي 2500 مليار سنتيم فتم تغطيته باللجوء الى أموال القرض الوطني من أجل النمو الاقتصادي الذي لجأت اليه الحكومة سنة 2016 نظير نسبة فائدة ما بين 3 الى 5 بالمائة بحسب عمر السند. ومعلوم، أن قانون المالية للسنة الماضية توقع، عجزا للخزينة ب 1.297 مليار دينار، فيما ارتفعت مداخيل الجباية النفطية ما بين جانفي وسبتمبر الماضي إلى 1578 مليار دينار، أي أن الجباية تخطت 157 ألف مليار سنتيم، في وقت ذهبت توقعات قانون المالية للجباية النفطية السنوية ب 2.200 مليار دينار. أما الإيرادات العادية فبلغت حسب التقرير الذي تضمن المؤشرات النقدية للسنة الماضية، 3160 مليار دينار إلى نهاية سبتمبر 2017، ومعلوم أن هذا المبلغ يضم إيرادات جبائية عادية بمبلغ 1979 مليار دينار وإيرادات عادية ب184 مليار دينار وايرادات استثنائية بقرابة 998 مليار دينار، وبلغت الإيرادات الميزانية الاجمالية (جباية نفطية وعادية) 62ر4.739 مليار دينار ما بين جانفي ونهاية سبتمبر الماضي. مقابل هذه الأرقام لم تسجل الحكومة أي ضخ لفوائض في صندوق ضبط الإيرادات برسم سنة 2017، بينما كان التحصيل مع نهاية ديسمبر 2016، نحو 98.5 مليار دينار، مقابل 552.2 مليار دينار في 2015، ويرجع ذلك إلى تراجع الإيرادات، وإن سجلت هذه الأخيرة السنة الماضية تحسنا مقارنة بسنة 2016 بنسبة 11.2 في المائة. وعلى هذا الأساس، يبقى العجز قائما لدى الميزانية والخزينة، حيث كشف الى نهاية نوفمبر 2017 عن رصيد سالب للميزانية قرابة 800 مليار دينار أي قرابة 7 مليار دولار، بينما بلغ عجز الميزانية في سنة 2016 ما قيمته 19.9 مليار دولار، فإلى متى يستمر عجز الميزانية ويستمر معه اللجوء إلى تغطية هذا العجز، رغم تحذيرات العديد من خبراء مجال الاقتصاد، يتقدمهم وزير المالية الأسبق عبد اللطيف بن أشنهو الذي كان يضع لضرورة القضاء على عجز الميزانية أولوية وحتمية لما تمثله من خطر على التوازنات المالية للبلاد.