شكّل وفاة المرشدة الأسرية والداعية الإعلامية الدكتور آمال زوّاغي صدمة كبيرة لدى مريديها ومحبيها وجمهورها الواسع في الداخل والخارج، فقد رحلت الفقيدة مؤخرا، بعد صراع مرير مع المرض العضال، وهي في أوجّ العطاء التربوي والاجتماعي والتوعوي، لم تترك حقلاً من ميادين النضال الرسالي والحضاري لأجل المجتمع إلا ولجتْه بجدارة واستحقاق، لتترك بصماتها النيّرة موزعة وساطعة في مواقع المرور المؤثّر، تربيةً وإرشادًا وتدريبًا وكتابةً وخطابةً، فعرفها اليراع والورق والشاشة والأثير وازدانت بأفكارها المؤتمرات والندوات والورشات في الجزائر وخارجها عبر الأوطان والقارّات. واحتفاء بتلك المسيرة الحافلة بالعطاء في خدمة الدين والوطن والأسرة الجزائرية والإعلام الهادف، فقد بادرت "الشروق" بجمع عائلتها ورفقائها ومعارفها في تأبينية وفاء وتكريم، لتوثيق أعمالها الخالدة في سجلّ الأعلام، لتبقى حياتها قدوة ونبراسا لكل الأجيال. وقد لقيت لفتة "الشروق" الوفائية صدى كبيرًا بين الجزائريين، عكسته المشاركة الواسعة للحدث، والتداول الواسع للمبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي لفعاليّات التكريميّة، وقد أثنى هؤلاء على المبادرة باعتبارها تصويبًا لمفهوم "الشخصيات الوطنيّة" الجديرة بالاحتفاء، ذلك أنّ المعنى يرتبط أساسًا بكل شخصية قدمت خدمات جليلة لوطنها وشعبها والإنسانيّة في كافة المجالات، والمرحومة آمال زواغي جديرة بالتصنيف مع هذه الفئة من الكبار الخالدين في سجلّ التاريخ. وعبر هذه السطور ننقل إلى قرّاء "الشروق" في كل مكان ملخّصا لفعاليات التكريم وشهادات بعض الحضور في مناقب الفقيدة الخيرية والدعوية والأخلاقيّة، سائلين العليّ القدير أن يحشرها مع النبيّين والصالحين وحسن أولئك مقاما.
زوج الفقيدة الداعية محمد زغداني: شكرًا للشروق.. آمال كفكفت الدموع وسنواصل مشروعها وبتأثر بالغ اكتسح ملامح زوج الفقيدة آمال زواغي، الداعية ورئيس مصلحة الأوقاف بمديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر، تسلم محمد زغداني درع "الشروق" خلال تأبينية المرحومة، ولم يخف شوقه وحزنه الشديد عليها وهو يلقي كلمته، كغيره من الحضور وممن عرفوها عن قرب، سواء كانوا من عائلتها أو من رفقائها في النشاط الجمعوي والأسرة الإعلامية. ورغم آلامه ومصابه الجلل في فقدان شريكة حياته ودربه، لم يفوت الأستاذ زغداني الفرصة لتقديم جزيل شكره لمؤسسة "الشروق" التي كرّمت المرحومة، من أجل إيصال ما تشبعت به من أفكار للحفاظ على تماسك الأسرة، موجها شكره للأسرة الإعلامية وإطارات الشؤون الدينية، الذين قدموا السند المادي والمعنوي لها خلال رحلة علاجها، بعد أن كانوا رفاق درب لها خلال مسيرتها الدعوية والتربوية. وعرج زوج الفقيدة خلال حديثه على آخر منشور لها بصفحتها الرسمية، وهي على فراش المرض، حينما عبرت فيه عن تقبلها لما أصابها بصدر رحب طالبة دعوات أهلها ومن عرفها بالشفاء الذي رافقته، قائلا "إن آمال تشكلت حولها أسر كثيرة انطلاقا من أسرة الشؤون الدينية وأسرة المساجد والمدارس القرآنية التي خلقت منها داعية ومربية ومصلحة، لتكرّم مؤخرا باختيارها من قبل وزير الشؤون الدينية محمد عيسى، ضمن الطاقم الذي خدم بيت الله الحرام". وأشار زغداني أيضا أن "غاليته" كما وصفها، جمعت كل وسائل الإعلام في الجزائر التي منحتها الفرصة لتبليغ أفكارها وفتحت بابا واسعا أمامها، مغتنما المنبر لدعوة وسائل الإعلام بالتكامل صفا واحدا في خدمة القضايا الكبرى لفائدة هذا الوطن. وعاد الأستاذ زغداني للحديث عن النشاط الجمعوي لزواغي قائلا: إنه من الميادين التي اقتحمتها من خلال جمعيتين: أولهما بولاية تبسة عبر جمعية "أمان" لحماية الأسرة وترقيتها، وكذا جمعية "أسرتي"، حيث عملت على تكفيف دموع كثيرة، وجمعت شتات أُسر كانت على وشك التفكك والانهيار، مضيفا أن نجاحها انطلق منذ أول دورة للإرشاد الأسري جمعت بين الأزواج وإصلاح ذات البين. كما وجه الأستاذ الداعية زغداني شكره الكبير لكل تلك الأسر والأشخاص، الذين التفوا حول آمال زواغي في حياتها، من بينهم الشيخ الدكتور السعيد بويزري، قائلا بخصوصه إنها كانت تعتبره أبا لها، تأخذ بنصيحته وتوجيهه، واستلهمت من أفكاره لتكون مرشدة ومصلحة. واستغل المتحدث الفرصة من أجل دعوة كل هؤلاء لمواصلة دربها بعد فراقها، وإكمال مشروعها حتى يصبح الإرشاد الأسري بالجزائر في مستوى غيرها من الدول الإسلامية الكبرى، تقوم به مؤسسات رسمية وشعبيّة، من أجل الحفاظ على استقرار مجتمعنا.
الدكتور السعيد بويزري رئيس مجلس الصلح: "تعلّمت من كتاب الإرشاد الأسري وآمال مدرسة كبيرة" اعتبر الدكتور السعيد بويزري وهو يصف محامد الراحلة آمال زواغي أنها نعمة ومدرسة منحها الله عز وجل لهذا الوطن، قائلا: "آمال هي المدرسة والنموذج وهبة من الله، ثمرة طيبة من شجرة طيبة، تفانى والداها في تربيتها وتقويمها لتكون مكسبا لوطنها"، مضيفا "الفقيدة صناعة إلهية سخرت عملها وحياتها لإمضاء صفحات مشرقة من الطاعات في خدمة مجتمعها". وبدا الدكتور بويزري، وهو يلقي كلمته بتأبينية "الشروق"، جدّ متأثر بفراق المرحومة، كغيره ممن عرفوها وعايشوها داخل الوطن وخارجه، معزيا نفسه بقوله "نحن نبكي شوقا لها لا حزنا عليها، وقد توزع الحزن على محبيها وعائلتها وأصدقائها فخفّ"، واسترسل المتحدّث في سرد مناقب الراحلة، قائلا عنها إنها تجملت بصفة من صفات العظماء واكتسبت توفيقا من الله بذلك، مشيرا إلى تحملها هموم وآلام وطنها، وكل ما يحصل في هذه الأمة بهمة، مستدلا بأعمالها وما خلّفته، خصوصا ما تضمنه كتابها "الإرشاد الأسري"، وكشف أنه قرأ هذا الكتاب خمس مرات حتى حفظه، ما جعله ينبهر بمستوى إبداعها وذكائها في التعاطي مع مواضيع تخص الأسرة، ومناقشتها في كتابها "الإرشاد الأسري: أولوية لا تقبل التأجيل"، وهنا توقف الأستاذ مطولا للثناء والتعبير عن انبهاره الشديد في اختيارها لعنوان الكتاب الذي وصفه ب"الرائع"، كما عرج المتحدث عن محتوى الكتاب ليقف مرة أخرى أمام نقطة مهمة تطرقت إليها زواغي، مشيرا إلى أنها تعمّقت بذكاء في الحديث عن الاستثمار في عنصر الإنسان كأساس لبناء الحضارات، والدعوة لاستغلال طاقاته ايجابيا، مضيفا أن الدكتورة آمال زواغي انشغلت بالكتابة وتحدثت عن الإرشاد، ليس من باب النصيحة والتوجيه، بل جاءت كتابتها في غاية العمق والذكاء. وختم الأستاذ السعيد بويزري أن آمال زواغي منحتنا عبر هذا الكتاب أشياء كثيرة تعلمنا منها، من خلال ربطها بين قيام الدول وانهيارها والأسرة، في إشارة منها، حسب ما ذكره، إلى أن إنشاء أسرة سليمة أو العكس له آثار على كيان الدول.
رئيس مركز إشراق، رشيد بوبكري: آمال زواغي .. فقيدة الإرشاد الأسري في الجزائر أثنى رشيد بوبكري رئيس مركز إشراق للتدريب على خصال المرحومة الدكتورة آمال زواغي، معتبرا أنها كانت أداة فعّالة في المجتمع وفي وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزيون وصحافة مكتوبة، وبجمعية "أسرتي" وبالملتقيات، دون أن ينسى توجيه كلمة شكر لجريدة "الشروق اليومي" على هذه المبادرة التي "تخلد سيرة الأعلام، في وقت صرنا ننسى أعلامنا الذين عملوا على الرقي بمجتمعنا"، حسب تعبيره. وبالحديث عن المرحومة، فقد شهد لها المتحدث، أنها كانت تناضل على مستوى التأهيل الأسري، والعمل في هذا الميدان والذي وصفه ب"الصعب والشاق، والذي يتطلب الكثير من الجهد والمعلومات والاستماع"، متمنيا أن تكون زواغي لبنة في صرح هذا المجتمع، وأن تجد الأسر الجزائرية "دائما من يأخذ بيدها إلى برّ الأمان"، وذهب المتحدث أبعد من ذلك في تقديره للمرحومة، فوصفها ب"فقيدة الإرشاد الأسري الذي يرقى بالمجتمع".
مدير الدراسات بوزارة الشؤون الدينية محمد عزوق: "هكذا تحدّت المرض الخبيث وهي ترشد آلاف الحجاج في مكة" بعدما حيّا بدوره مجمّع "الشروق" على المبادرة الطيبة جدا، تحدّث مدير الدراسات بوزارة الشؤون الدينية، محمد عزوق، عن الحياة المهنية للمرحومة، وبالتحديد خلال إشرافها كمرشدة دينية على موسم الحج للسنة المنصرمة، بصفته رئيسا للجنة الفتوى، وحسب شهادته القيّمة، فقد كانت المرحومة ضمن الفريق الإرشادي بمكةالمكرمة، ويومها طلب منها تنظيم ندوات ومحاضرات داخل الفندق الذي تقيم به في مكة بحكم مرضها، ليفاجأ بأنها كانت تخرج من فندقها وتلقي محاضرات في فنادق مختلفة وبعيدة عن بعضها البعض، رغم صعوبة الأمر والزحام الشديد، الأمر الذي أرهقها كثيرا، ولإصرارها على الخروج، يقول عزوق "طلبت من زميلاتها أن لا يتركنها تخرج من فندقها"، وقد ذهل محدثنا أكثر، عندما علم أن قرابة 500 حاج كانوا يحضرون محاضراتها، وهو رقم اعتبره المتدخل "معتبرا جدا لم يسجل منذ سنتين"، ليخلص أن المرحومة آمال زواغي كانت "تحظى بقبول كبير في المجتمع"، خاتما كلمته "يقولون... وراء كل رجل عظيم امرأة، وأنا أقول وراء كل امرأة عظيمة رجل"، ملمحا لوقوف زوجها محمد زغداني بجنبها ومساندته الكبيرة لها.
رئيس "جمعية جزائر الخير" عيسى بلخضر: "آمال" وجّهت بوصلة الأسرة الجزائرية في زمن الطلاق قال رئيس جمعية جزائر الخير في كلمته المؤثرة إنّ "آمال لم تحقق كل آمالها، لكنها أعطت الأمل لكل مثيلاتها... أنا أشعر بالألم الشديد حينما نفقد امرأة مثلها، لأنه ونتيجة للتحوّلات الاقتصادية والثقافية الحاصلة في المجتمع، أسرتنا بحاجة إلى من يأخذ بيدها، كما أنها تحتاج لبوصلة توجّه نجاحها"، كما تطرّق لحال المجتمع الجزائري، والذي ظهرت فيه طاقات نسوية بمختلف المجالات، ليؤكد "صرنا نسمع الكثير من رئيسات جمعيات ونساء نقابيات حقّقنا ما حقّقنا.. ولكن ما يحتاجه المجتمع أيضا هو النساء القدوات"، حسب بلخضر. كما تحدث المتدخل، عن الحياة الأسرية للمرحومة، والتي وجد فيها زوجين منسجمين وعلى وفاق كبير، في ظل ما يعيشه المجتمع من وجود 68 ألف حالة طلاق، 80 من المائة منها تحدث في السنة الأولى من الزواج، وهو ما جعله يؤكد بالقول "صعب جدا أن تنجح امرأة في أسرتها وتعطي قيمة مضافة للمجتمع، فهي تأخذ من وقت أولادها وزوجها، لتعطي للمجتمع". وتحسّر "بلخضر" لفقدان سيدة قدوة لا زالت في عز عطائها، متمنيا أن تكون زواغي قدوة في العطاء النسوي. وفي ختام كلمته شكر جريدة "الشروق اليومي" لأنها سنّت سنة حميدة في تكريم الأحياء والأموات من الأعلام.
الدكتور أحمد طالب من قناة القرآن الكريم: زواغي وزغداني.. ثنائيّة صنعت التميز في مشهد ذكوري قال الدكتور أحمد طالب، من قناة القرآن الكريم، أثناء إلقائه كلمة بمناسبة تكريم وتأبينية "الشروق" للفقيدة آمال زواغي إنّ حياة الأخيرة شكلت تحديّا لموقع المرأة الاجتماعي رفقة شريك حياتها، قائلا "إنهما شكلا ثنائيا متميزا وخلقا الفرق وكسرا قاعدة طغيان المشهد الذكوري، حيث يطلب الرجل في هذا المشهد أن لا تكون المرأة إلا بإذنه وبأمره، رافضا تقدمها عليه"، ليخاطب الدكتور أحمد طالب زوجها الحاضر بين الجمهور "شكرا لك.. لأنك كسرت القاعدة بتميز وبلّغت أفكارك.. وعرّفت لنا أن المشهد على هذا الوطن لا يمكن أن يكون للرجل وحده.. بل للرجل والمرأة معا.. وأن العمل لا يكتمل إلا بشقين متكاملين"، وأضاف المتحدث أن زواغي شاركت بحسّها في أداء عملها الذي لا يزال يستفاد منه وسيبقى مرجعا، فهي هبة من الله للجزائر، على حدّ وصفه.
منتجة ومنشطة البرامج التربوية لويزة إدريس: هكذا وضعت آمال أُولى خطواتها في الإذاعة الوطنية بصوت خافت ومبحوح لا يكاد يسمع في القاعة، لم تقو الأستاذة لويزة إدريس، منتجة بالإذاعة ورفيقة المرحومة زواغي، على التدخل وإلقاء كلمة في تأبينية الشروق، لكنها كشفت عن أول لقاء لهما قبل 10 سنوات وأزاحت الستار عن خفايا ولوج الدكتورة آمال إلى عالم الإعلام الإذاعي، بطلب من زوجها زغداني الذي اتصل بها من ولاية تبسة، فقد اعتبرته المتحدثة، وهي تسترجع ذكرياتها، أنه كان محظوظا بتلك المرأة وهي أيضا محظوظة برجل مثله، فقد تمتعت بجانب روحي ووقار وهالة نفسية، كل ذلك طبعه الهدوء في الصوت، ما أعطاها وصف النموذج للإعلامية المتحجبة والملتزمة، قائلة "عرفتها في أول اتصال مع زوجها وأنا أقدم برنامج الأسرة على أمواج الإذاعة بالقناة الأولى، وبالتحديد في ركن خاص بجمعيات نسائية، كان المنطلق والمشاركة الأولى عبر الهاتف، لتقرّر بعدها الفقيدة التنقل من تبسة إلى العاصمة بكل تحد وإصرار". ولم تخف الأستاذة لويزة أنها أعجبت كثيرا بمحتوى المقترح الذي قدمته زواغي، بخصوص موضوع الإرشاد الأسري، الذي كان ثريا جدا حسب ما وصفته، قائلة إنه أثر بشكل كبير عليها كامرأة في حياتها الشخصية، في إشارة منها إلى ثراء المحتوى، الذي تضمن أفكارا جديدة لم يسبق أن تمّ تداولها من قبل، فقد جاءت زواغي لتحمل رسائل تربوية، ليتعلم الرجل كيف يفهم زوجته بعد أن تعود المجتمع على توجيه خطاباته للمرأة فقط. وتحدثت الأستاذة لويزة عن جانب آخر في حياة زواغي الرساليّة والدعويّة خلال فترة تعاملها مع الإذاعة، تعلق بزهدها في المادة والمال، مقابل إعطائها أولوية للعمل ومحتوى البرنامج على حساب مطالبتها بالحقوق المادية، قائلة "آمال زواغي لم تطلب يوما القطعة أو المقابل المادي". بالمقابل أكدت المتحدثة أنه بفضل إسهامات الفقيدة ودورها الفعال في القناة الأولى بالإذاعة الوطنية، فقد تمّ إدماج ركن "المستشار الأسري" الذي كانت تشرف عليه آمال، وتطرّقت من خلاله إلى قضايا كبيرة في إطار التنمية البشرية، تعود بالنفع على المجتمع.
العضو المؤسس في "أسرتي" قاسم بن عودة: "زواغي" أسّست جمعيتها على أربعة مبادئ نفيسة أكد قاسم بن عودة، بصفته عضوا مؤسسا في جمعية "أسرتي" للتأهيل والتنمية الأسرية إلى جانب المرحومة آمال زواغي، أن الأخيرة اتسمت بالأخلاق الرفيعة عند تأسيسها للجمعية، وحسب قوله فإنّ "آمال استمدت عطاءاتها من أعماق المجتمع الجزائري، واستمدت قوتها من تراث الجزائر العميق". وأشار المتحدث في تكريمية "الشروق" للفقيدة أن المرحومة كانت تسيّر الجمعية بأربعة مبادئ أساسية، والتي يلتزم بها كل إنسان صالح وتقي ويخاف ربه، على حدّ تعبيره، وهي "الديانة والأمانة والصيانة والرزانة"، مضيفا أنها كانت تستمد نصائحها وتوجيهاتها من الشيخ الفاضل والأمين العلمي لجمعية "أسرتي"، الدكتور السعيد بويزري.
رفيقة دربها مليكة لعرابي: لم تنس "أسرتي" وهي في أقسى آلام المرض! بتأثر كبير، بدأت مليكة لعرابي كلمتها، فتحدثت عن خصال المرحومة، قائلة "عرفتها أختا طيبة صادقة، عاملتنا بحب، وأعطتنا ما بوسعها، عرفتها فتأكدت أن العلم الصادق يعطي للإنسان التواضع، بحثتْ ودرستْ وتعلمت وعمِلت"، شاكرة المولى عز وجل في كلمتها، لأنه لاقاها بالمرحومة، حسب تعبيرها. ومن ميزة آمال، تذكر المتحدثة، أنها تحب العمل في الخفاء، حتى تؤدي رسالة كانت تناضل من أجلها، "فدرست مجتمعنا ومشاكله الاجتماعية، وتأكدت أن الأسرة هي الحلقة المفقودة لبناء المجتمع"، وهو ما جعل لعرابي تطلق على زميلتها المرحومة كنية "جامعة النوايا". ومن المواقف التي تأثرت بها مليكة، أنه ورغم صعوبة وقساوة المرض، كانت آمال تسأل عن أوضاع جمعية "أسرتي" متناسية مرضها وآلامه المبرحة.
مسؤولة "نادي غيث" فاطمة الزهراء لعرابي: "هي بيننا بأفكارها.. وتعلمنا منها الإنجاز والتواضع" بدورها شكرت فاطمة الزهراء لعرابي، ونيابة عن نادي "الغيث"، مجمع "الشروق" لما وصفته بالمبادرة الطيبة في تكريم من يستحقون التكريم بالمجتمع، لتتحدث بعدها عن الفراغ الكبير الذي خلفته وفاة الدكتورة زواغي في قلوب من عرفها، فقالت عنها "المرحومة آمال زواغي هي حية بيننا، لأن أفكارها تعيش بيننا". أما عن آمال الإنسانة، فذكرت بأنه عند احتكاكها بها، لمست فيها "التواضع واللين في المعاملة والرفق، سواء في مرضها أو صحتها"، مضيفة "كانت تقول وتفعل، وكانت تعلم البنات القدوة والإنجاز والتواضع... فنتمنى لنا وللجميع أن نسير على خطاها مستقبلا".
مدير الإنتاج بالإذاعة الوطنية مصطفى بن عمر: "زواغي" لمعت في مؤتمرات دولية وبصمتها ساطعة ولأن زواغي كانت إعلامية ولها مساهمات عديدة خاصة في قطاع الإذاعة والتلفزيون، أثنى زملاؤها ممن احتكوا بها في قطاع الإعلام على أخلاقها وتفانيها في العمل، ومنهم مدير الإنتاج بالإذاعة الوطنية، مصطفى بن عمر، والذي أكد في كلمته، أن الفقيدة تركت بصمة واضحة وكبيرة، "فتمكنت من إرسال وإسماع صوتها، فقد حملت همّ الإرشاد الأسري"، واعتبر المتدخل، أن المرحومة ساهمت وبشكل كبير إعلاميا، عبر حصص "فنيات الحياة "، حيث تمكنت وعبر 30 حصة كاملة ولمدة سنة، من إرسال رسائل قوية للمجتمع لتهذيبه، كما كانت لها مشاركات قوية في حصص اجتماعية وبرامج موجهة للعائلة، وهو ما جعله يتمنى أن تكون هذه المساهمات بمثابة "بصمة في مجتمعنا وصدقة جارية للمرحومة". وعرّج بن عمر على مرافقته لها في المؤتمر الدولي للإرشاد الأسري بتركيا، مؤكدا إلقاءها "لمحاضرات جد قيمة حول الموضوع بكلّ أبعاده المختلفة".
الفقيه الدكتور موسى إسماعيل: "كانت سند المكروبين والأيتام والأسر المفكّكة" أمّا الدكتور موسى إسماعيل، فقد شكر مجمع "الشروق"، على ما اعتبره "مبادرة طيبة وإحياء لسنة نبوية كريمة في ذكر خصال نوابغ الأمة"، قبل أن يعرّج للحديث عن المرحومة، التي عرفها من خلال قناة القرآن الكريم، فلمس فيها نية خالصة وصادقة، كما أنها لم تكن ترائي بل تنطلق من إيمان راسخ فيما تقدم عليه من عمل، على حدّ قوله. وأضاف المتحدث في فعالية التكريم التي خصتها بها الشروق، أن الفقيدة "تحب الخير للناس، لأنها ليست أنانية". ومن صفاتها المميزة، حسبما ذكره موسى اسماعيل، أنها تحسن الإصغاء للغير رغم إجادتها لفن الكلام، كما أن لديها عطاء متدفق، وحنان فياض تغدق به على كل مكروب من أيتام وأسر مفكّكة إلى رفق والتفاتة، خاتما كلامه "كانت تحترم المواعيد كثيرا".
الدكتور سليمان ولد خصال: "هي امرأة عظيمة ومشروعها الأسري سيستمرّ" زميل آخر للمرحومة بإذاعة القرآن الكريم، وبالتحديد في حصة "ضحى القرآن"، وهو الدكتور سليمان ولد خصال، أكد أنه وجد في آمال زواغي الصفات العظيمة والخلق الكريم، خاصة وأنها فضلت السير في طريق الحلول الأسرية، وكأن الله عز وجل سخرها لهذه المهمة العظيمة، كما لاحظ أنها تحسن اختيار الطاقات، فذكر "طلبت مني التعاون للقيام بملتقيات كبرى حول الأسرة، وأؤكد أن المشروع سيستمر في غيابها". وأشار مجددا أن زواغي كانت "فعلا امرأة عظيمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، داعيا أهلها أن يفرحوا بها ولا يحزنوا "لأنها خرجت من هذه الدنيا عظيمة".
طبيبتها الخاصّة الدكتورة زهرة بودين: "فاحت منها رائحة المسك بعد أن فاضت الروح الطاهرة!" وبكلمات مليئة بالمشاعر الفياضة، قالت الدكتورة زهراء بودين، التي رافقتها في معاناة المرض، إنّها تعرفت على الفقيدة خلال حقبة قصيرة، ومع ذلك فقد تعلمت منها الكثير في مرضها، كما أكدت أن المرحومة وهي على فراش المرض بالمستشفى "كان كل أمر يساق إليها إلى سريرها، من وسائل وخدمات، فبقدر ما تعبت في حجّها بقدر ما ذلّل الله عز وجل في وجهها الصعاب". ومن علامات حسن خاتمة زواغي، حسبما أكدته المتحدثة، وشهد عليه زوج المرحومة "أن رائحة المسك كانت تفوح في المستشفى لحظة وفاة آمال، كما كانت ضاحكة في موتها وليست فقط مبتسمة". وبالعودة لأيام مرضها، روت بودين، أن المرحومة كانت جد صبورة وصاحبة تواضع وخلق رفيع، رغم ما كان يسببه لها المرض من آلام وأوجاع مبرحة. وختمت بالقول "كانت تخاف الرياء على نفسها، فلا تحب الظهور، كما تمنت تأليف كتاب حول سيرتها العطرة للاقتداء بأثرها".
ومضات ومحطات في حياة الفقيدة ولدت المرشدة والمربيّة الدكتورة آمال زواغي بتاريخ 19/07/1971 بالمدينة التاريخية تبسة، حيث تلقت تعليمها الابتدائي والمتوسط والثانوي بمسقط رأسها، وبعد حصولها على شهادة البكالوريا في شعبة الآداب، فضلت الالتحاق بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، لتقضي فيها أربع سنوات من طلب العلم والنشاط الدعوي، ثمّ تتخرج بشهادة الليسانس في الدعوة والإعلام من معهد أصول الدين بذات الجامعة. ولأنها تؤمن أن خير الناس هو أنفعهم للناس، فقد انضمت خلال دراستها الجامعية لإحدى المنظمات الطلابية لتكون سنداً وعوناً لأخواتها الطالبات، وقد اهتمت بالجانب الإعلامي على وجه الخصوص، إذ كانت قلماً سيالا بمجلة (الكلمة الحرة) التي ساهمت في تأسيسها بالجامعة، وقد كانت تحمل همّ الإعلام الرسالي، فأسست لملتقى "الإعلام الإسلامي" سنة 1995 لتخلّف وراءها بذرة طيبة لا زالت مستمرة إلى اليوم. بعد تخرجها من الجامعة سنة 1995، التحقت بالمركز الثقافي الإسلامي بمسقط رأسها، ثم عملت معلمةً لكتاب اللّٰه ثم مرشدة دينية بالمساجد والمدارس القرآنية، وقد كانت ضمن الطاقم المؤسس للمدرسة القرآنية أنس بن مالك التي تخرج منها عشرات الأئمة والمرشدات ومعلمي ومعلمات القرآن الكريم. وقد كانت عضواً فعّالاً بالمجلس العلمي ولجنة الفتوى، ولم تترك باب خير إلاّ طرقته، فعملت مرشدة بمؤسسة إعادة التربية للنساء، ودور الطفولة المسعفة، ومراكز تأهيل البنات، مرشدة وموجهة. من خلال معايشتها للانشغالات التي كانت تطرحها النساء عليها، أدركت أهمية الاهتمام بمعالجة المشاكل التي تعانيها الأسرة، فانكبّت تدرس مرة أخرى ما يؤهلها لتكون مرشدة ومستشارة أسرية، فحصلت على دبلوم الإرشاد الأسري من مؤسسة الفرحة بدولة الكويت، بإشراف الدكتور جاسم المطوع، ودبلوم مستشار أسري من مركز الأمير بإشراف الدكتور مصطفى أبو السعد، وشهادة مدرب محترف من مركز الإبداع الخليجي تحت إشراف الدكتور طارق السويدان، لتنفتح لها آفاقا جديدة في نفع الأمة. ساهمت المرحومة آمال زواغي في تأسيس الرابطة العالمية للمنظمات النسائية الإسلامية بتركيا، وكذا الاتحاد العالمي للإرشاد الأسري ونالت عضوية أمانته العامة. وقدمت عشرات الدورات التدريبية والاستشارات لحل الخلافات الزوجية وجمع شمل الأسر. ولإدراكها لأهمية الإعلام في توجيه الأمة وإرشادها، فقد أسست لحصة إذاعية بإذاعة تبسة، وسمتها "أسرار السعادة الزوجية"، عرفت إقبالاً كبيراً من خلال اتصالات المستمعين، وقد استمرت مدة تسع سنين. وألفت باكورة كتبها الموسوم ب "الإرشاد الأسري أولوية لا تقبل التأجيل" وضعت فيه جملة أفكارها ورؤيتها للإرشاد الأسري بالجزائر. ودعما لهذه الفكرة أسست سنة 2008 جمعية "أمان لحماية وتأهيل الأسرة" وقدمت عشرات الدورات التدريبية لتأهيل الشباب للزواج، ومعالجة المشاكل الزوجية، استفاد منها المئات من الشباب والشابات. بعد انتقالها للجزائر العاصمة سنة 2012، واصلت عملها مرشدة دينية بمساجد العاصمة ومدارسها القرآنية، ثم التحقت بقناة القرآن الكريم الفضائية الجزائرية بركنين يخدمان الأسرة "بيتي جنتي" و"أولادنا أكبادنا" ثم برنامج "مفاتيح الأطفال" و"بنات حواء". كما كان لها عشرات الحصص الإذاعية بالقناة الأولى، وإذاعة القرآن الكريم والإذاعة الثقافية. أسست سنة 2015 جمعية "أسرتي للتأهيل والإرشاد الأسري"، وقد كانت فضاء واسعا للدورات التدريبية في الإرشاد الأسري، وأسست من خلاله نادي "غيث" للفتيان والفتيات ليكون محضنا لتربية الأبناء. وفي نهاية سنة 2016 أصيبت بمرض عضال، لكنه لم يقعدها رغم شدة الآلام التي كانت تعانيها من مواصلة نشاطها التربوي والإعلامي والدعوي، وقد وفقها اللّٰه لأداء مناسك الحج سنة 2017، وتشرفت بخدمة الحجاج رغم مرضها وشدة الآلام التي كانت تعاني منها، وفور رجوعها من الحج، انتقلت إلى فرنسا للعلاج لتمكث هناك ثلاثة أشهر، لترجع لأرض الوطن بداية سنة 2018 ويوافيها الأجل طاهرة صابرة ومحتسبة في 14 فبراير 2018، وترتقي إلى الرفيق الأعلى مبتسمة ابتسامة عريضة اندهش لها كل من رآها مبشرة بقبول اللّٰه لها في الصالحين.