أظن أن التكشير وتقطيب الجبين شيء ورثه الجزائريون عن آبائهم، ليس بالتلقي والتلقين كما في اللغة، إنما بالعادة والإلف والتقليد . * وقد يعود ذلك إلى طبع الغلظة الذي يميز سلوك الإنسان الجزائري عموما، الذي يجعله يذهل عن البشاشة والسلامة، لكن تحت أي عذر، يستمر هذا الطبع الغليظ في أوساط المتدينين، الذين يعرفون أن تبسم المسلم في وجه أخيه له به صدقة. أولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة "! فلماذا إذن نحرم أنفسنا من صدقات، لا تتطلب أكثر من ابتسامة، أم أن ذلك يتعارض مع ما في أنفسنا من مشاعر الصلابة التي تجعل البشاشة كما فهمناها شيئا ينبغي أن تتنزه عنه رجولتنا؟ ! أي تفكير تافه هذا؟ لقد عشت في فيينّا أكثر من عشر سنوات، والناس هناك يعتبرون الابتسامة واجبا اجتماعيا، وقد يتكلفونها من أجل أداء هذا الواجب، وكيف لا نعتبرها كذلك عندنا، وهي متصلة بالصدقة والثواب، وفي الإسلام مدد لا يغيض لهذه الغايات العليا!! وكم كنت أود لو وجد عندنا دعاة أذكياء، يقومّون ما اعوّج فينا بأناة، وينشطون ملكاتنا الذكية، وجذوة التنافس على الخيرات، وجعل الابتسامة بابا إلى خير الدنيا والآخرة .