شرعت المصالح التابعة للمديرية العامة للضرائب بالتعاون مع المديرية العامة للصرف التابعة لبنك الجزائر، في إجراء سلسلة من التحقيقات والتحريات المعمقة في جميع العمليات التي قامت بها شركات المناولة الوطنية والأجنبية لصالح شركة "أوراسكوم تلكوم الجزائر" في الفترة الممتدة بين 2006 و2009، وهذا بعد تلقيها معطيات دقيقة تتعلق بقيام شركات مناولة مصرية ولبنانية وفرنسية، بتضخيم فواتير لصالح "أوراسكوم تلكوم الجزائر" حتى تتمكن من تحويل مبالغ مالية خيالية إلى الخارج عن طريق المصالح المختصة التابعة لبنك الجزائر. وتم توسيع التحقيق إلى مصالح المركز الوطني للسجل التجاري، لمعرفة هوية الشركات التي كانت تتعامل مع "أوراسكوم تلكوم الجزائر" في مجال التزود بعتاد الاتصالات أو بعض الخدمات المكتبية والتزود بشرائح الاتصال والتجهيز المختلفة، بعد ما تبين سيطرة شركات مصرية بعينها على حصرية توفير تلك الخدمات وإعداد فواتير على مقاس مسؤولي شركة "جازي"، مستفيدين من عدم توفر مصالح بنك الجزائر وإدارة الجمارك الجزائرية على بطاقة مرجعية لأسعار تلك الخدمات في السوق الدولية، بما يمكنها من ردع شراهة مسؤولي "جازي" في تهريب الأموال من الجزائر إلى الخارج تحت مسمى تحويل الأرباح أو تمويل العمليات الخارجية للشركة التي اعتادت القيام بتصاريح كاذبة بخصوص جميع عملياتها المالية. وأفاد مصدر من وزارة المالية، أن الإجراءات التي تقوم بها مصالح الضرائب وبنك الجزائر حاليا تجاه شركة "أوراسكوم تلكوم الجزائر"، لا علاقة لها بالتصريحات "الساقطة" لمالك مجموعة أوراسكوم تلكوم، نجيب ساوريس، الذي اتهم صراحة المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الرئيس بوتفليقة، بأنهم يعاقبون شركته بسبب نجاحاتها في الجزائر، وسيطرتها على 70 بالمائة من سوق الاتصالات الجوالة في البلاد، وأضاف المصدر، أن مصالح الضرائب الجزائرية انتهت من تحضير التصحيح الضريبي الثاني بداية شهر ماي الفارط، قبل توجيهه إلى الشركة عبر القنوات القانونية المعمول بها، وهو ما كشفت عنه "الشروق" في حينه بداية ماي الماضي. وشدد مصدر "الشروق" على أن الحكومة الجزائرية تحاشت تطبيق قانون المنافسة على شركة "جازي" حتى لا يتم اتهامها من طرف المستثمرين الأجانب بأنها تحاول تضييق الخناق على المستثمرين الأجانب، على الرغم من السيطرة شبه المطلقة للمتعامل المصري على سوق الاتصالات الجوالة في البلاد، وهو ما ترفضه جميع القوانين في ظل الاقتصاد المفتوح. ويشمل التحقيق مجموعة من الشركات الوهمية اللبنانية والمصرية وحتى الفرنسية، التي تبين بعد التحقيق أنها في الحقيقة مجرد أذرع تابعة لمجموعة "أوراسكوم تلكوم" تنشط تحت مسميات وهمية لأشخاص مقربين من مالك المجموعة المصرية أو من المدير العام السابق الثاني للشركة اللبناني حسان قباني الذي غادر الجزائر ليخلفه المدير الحالي للشركة، حتى لا يمكن اكتشافها من قبل مصالح الضرائب والجمارك الجزائرية، في حين أن أغلبها واجهة لعمليات غير شرعية تقوم بها "أوراسكوم" بالجزائر لتحويل الأموال نحو لبنان ومصر وفرنسا تحت غطاء استيراد بعض التجهيزات والعتاد الخاص بالقطاع، وحتى لاستيراد مادة الإسمنت والكلنكر الموجهة لصناعة الإسمنت قبل شروع مصنع المسيلة في الإنتاج.