من المتوقع أن تحتضن مدينة الدارالبيضاء المغربية بداية الأسبوع المقبل، ندوة إقليمية حول ممارسات العنف ضد النساء بشمال افريقيا والشرق الأوسط، وهو الحدث الذي تشرف عليه منظمة العفو الدولية "أمنيستي أنترناسيونال"، وكان من المنتظر أن تحتضنه الجزائر بداية الشهر الجاري، قبل أن تسحب الجهات المسؤولة الترخيص له لأسباب لاتزال "مجهولة"، لكن أوساط ملاحظة تربط ذلك مباشرة بالبيانات شديدة اللهجة التي أصدرتها أمنيستي خلال الأشهر الأخيرة، بخصوص مسار المصالحة الوطنية وإجراءات تطبيقاتها، علما أن شريحة النساء من ضحايا المأساة تعدّ حجر الزاوية في انتقادات بعض منظمات حقوق الإنسان وفي مقدمتها أمنيستي التي ترى في تقاريرها أن النساء كنّ في طليعة المتضررين من تطبيق إجراءات المصالحة، وخصوصا منهن المغتصبات، وكذا عائلات ضحايا الإرهاب التي تقول أمنيستي إنهم يرفضون بشكل جذري مسألة العفو على الإرهابيين وتعطيل آليات المحاكمة. قادة بن عمار آخر بيان أصدرته أمنيستي منذ عشرة أيام فقط، ونشرته عبر موقعها على الأنترنت، قد أثار غضب واستياء السلطات، خصوصا أنه تضمن اتهامات خطيرة لدوائر أمنية بالضلوع في ممارسة التعذيب ضد سجناء جزائريين. وجاء في التقرير أنه تم الاستناد خلاله على سلسلة من دراسات الحالات التي جُمعت بين عامين 2002 و 2006، حيث تبين إثر ذلك أن جهات أمنية في الجزائر - حسب أمنيستي - تستعمل الحرب على الإرهاب كذريعة لممارسة التعذيب وسوء المعاملة. وقال مالكوم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا "إنه كخطوة أولى ينبغي على الرئيس بوتفليقة أن يعترف بالمزاعم المقلقة للانتهاكات الموثقة في هذا التقرير، وأن يلتزم علنا بإجراء تحقيق فيها، وعليه أيضا أن يكفل توقف أفراد الأمن عن توقيف المتهمين أو اعتقالهم وتقديم أي شخص مسؤول عن ممارسة التعذيب أو سوء المعاملة ضد المعتقلين إلى العدالة دون ابطاء". وقد جاءت هذه الانتقادات لتوتر العلاقة - المتوترة أصلا - بين الجزائر وأمنيستي التي أطلقت بيانها موازاة مع زيارة الرئيس بوتفليقة لبريطانيا لتهاجم فيه سعي لندن إلى عقد اتفاقية يمكن بموجبها إعادة الجزائريين - وفي مقدمتهم عبد المؤمن خليفة - قسرا، على أساس تأكيدات دبلوماسية بأنهم لن يتعرضوا للتعذيب. وحسب أوساط ملاحظة، فإن هذا البيان الأخير يعد السبب المباشر لسحب الترخيص من منظمي ندوة العنف ضد النساء بشمال افريقيا والشرق الأوسط وتحويله في اللحظات الأخيرة نحو الدارالبيضاء المغربية، علما أن المشاركة الجزائرية فيه ستقتصر على محاميين اثنين، أحدهما محامية من ولاية تيزي وزو قالت مصادر موثوقة إنها تعرف بمناهضتها المستمرة لقانون الأسرة وتدعو، ردا عليه، إلى تحرير المرأة الجزائرية إلى حد السفور المطلق مع نزع القيود التي تحاصرها. أما المشارك الثاني، فهو الدكتور بن داود عبد القادر من جامعة وهران، وهو محامي بارز ومعروف بآرائه الساخنة حول تعديل قانون الأسرة وقد كانت له مناظرات شهيرة عبر قناة "المستقلة" مع الشيخ شمس الدين بوروبي، وأكد أن مشاركته في هذا الحدث ستكون فرصة لإعطاء الوجه الحقيقي لقضايا العنف ضد النساء وبأن الأمر في انتهاك بعض الحقوق لا يقتصر على الجزائر دون سواها من الدول، كما نفى بن داود في حديثه ل "الشروق اليومي" وجود أية نوايا لتحويل الندوة إلى منبر للهجوم على الجزائر".. وذلك مبدئيا على "الأقل" بحسب المتحدث دوما.