التقرير مسح التركيبة السكانية والجغرافية وحذر من برنامج نووي سري صدر عن معهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي تقرير بعنوان "الميزان العسكري في الشرق الأوسط"، أفرد مساحة كبيرة تزيد عن ألفين وخمسمائة كلمة عن الجزائر بعنوان: "جمهورية الجزائر الديمقراطية"... * ومن الواضح منذ البداية أن واضعي التقرير أرادوا الإيحاء بأنهم يحيطون بالوضع العسكري والاقتصادي والاجتماعي والتركيبي الجزائري وقدراته الاستراتيجية والمتغيرات الرئيسية فيه فذهبوا إلى تبويب التقرير على عشرة عناوين تبدأ بالمتغيرات الرئيسية، فالمعلومات العامة، فتجارة الأسلحة والقدرات الإستراتيجية النووية والكيمياوية والبيولوجية والقوات المسلحة والقوات البرية وسلاح الجو وقوات الدفاع الجوي وسلاح البحرية والقوات الرئيسية شبه العسكرية غير الحكومية.. فماذا تريد اسرائيل؟. * وبعد التمهيد للتقرير بذكر اسماء المسؤولين السامين في البلاد ومناطات تكليفهم والحديث عن الجزائر وتفاصيل جغرافية واحصائية لتركيبة المجتمع السكانية، يتجه التقرير الى شرح قدرات البلاد الاقتصادية فنجد احصائيات عن الناتج المحلي الإجمالي والنمو الحقيقي للانتاج ومؤشرات أسعار المواد الاستهلاكية والدين الخارجي والصادرات والواردات وميزان الحساب الجاري، أي ميزان المدفوعات، ثم الإنفاق الحكومي، ويضع خانة مجهولة النسبة والأرقام امام مجموع الإنفاق الحكومي الكلي، وعن الإنفاق العسكري، ثم يترك خانة السنتين الأخيرتين مجهولا في ظل الإيحاء بنمو الاستيراد في جانب السلاح والمعدات العسكرية. * ثم يتحدث التقرير عن العلاقات الأمنية للجزائر والاتفاقيات الأمنية فيذكر المناورات المشتركة التي قام بها الجيش الجزائري والاتفاقيات الأمنية، ذاكرا اتفاقية أمنية مع إيران وأخرى مع تركيا، وثالثة مع الصين.. ثم يدخل الى تصنيف تجارة السلاح من أي البلاد ونوع الأسلحة وكميات الأسلحة، ثم يتحدث عن الصناعة العسكرية: كميتها، ومن منها انتاج جزائري.. ثم يتجه التقرير الى الحديث عن القدرات الاستراتيجية العسكرية الجزائرية فيفصل الموضوع على الأسلحة النووية والأسلحة الكيميائية والأسلحة البيولوجية، وتحت باب الأسلحة النووية يثير الشكوك بأن الجزائر تعمل على انتاج أسلحة نووية، في حين يدعي بعدم المعرفة عن موضوع الأسلحة البيولوجية والكيميائية.. * وعلى صعيد القوات المسلحة، نجد ان التقرير راح للشرح التفصيلي بالأرقام للحديث عن مجموع الفرق والآليات والدبابات وناقلات الجنود والطائرات بأنواعها وبطاريات الصواريخ والراجمات والسفن القتالية والزوارق والغواصات وعددها ونوعها، ويتعرض التقرير لعدد أفراد القوات المسلحة وكيف تتوزع وعدد أفراد القوات شبه العسكرية، ثم يأتي على ذكر الأسلحة المتقدمة على صعيد الصواريخ جو جو وصواريخ جو أرض، ثم يتجه التقرير الى ذكر مواقع المطارات العسكرية وعددها، ومن ثم يُعدد القوات العسكرية الجوية والأنظمة الأخرى للدفاع الجوي، وبعد ذلك يتحدث التقرير عن عدد القوات العسكرية غير الحكومية.. ولم ينس التقرير بأن يذكر بأن الجزائر قد سبق ووقعت على اتفاقيات عدم انتشار الأسلحة الاستراتيجية واتفاقية افريقيا خالية من سلاح الدمار الشامل . * ان المساحة التي شغلها موضوع رصد القوة العسكرية الجزائرية من التقرير الاستراتيجي الاسرائيلي يعني عدة نقاط لا بد من الأخذ بها بعين الأهمية: * 1_ توقيت التقرير ونشره عبر وسائل الاعلام الاسرائيلية المتعددة ولأول مرة، يعني ان هناك تطورا في المهمات الاسرائيلية نحو المنطقة، لأنه من غير المحتمل ان تكون اسرائيل في منآى عن متابعة الصغيرة والكبيرة في بلاد العرب، ولن تكون الجزائر بعيدة عن الاهتمام.. ولكن لماذا الآن؟؟. * 2_ التذكير بأن الجزائر قد وقعت على اتفاقيات عدم انتشار الأسلحة الاستراتيجية في ظل إلقاء الشبهات على برنامج تسليح نووي في الجزائر.. ماذا يعني ذلك؟ انه بوضوح تحريض للمنظمات الدولية التي يشرف عليها الصهاينة لاتخاذ خطوات ما تجاه الجزائر. * 3_ التفصيل الممل لعدد الصواريخ والدبابات والمطارات والجنود والمواقع والصفقات، كل ذلك يتجه للإعلان أن في اسرائيل مستودع المعلومات الأمنية والاقتصادية عن المنطقة، وانها تتابع عن كثب كل التطورات الحاصلة، وفي هذا عدة رسائل توجهها اسرائيل للجزائر وللغرب وللمنطقة العربية. * 4_ ماذا يعني ان تذكر اسرائيل بقوة الجزائر في هذه الظروف؟ ظروف الضغط الدولي من اجل حل سلمي بين العرب واسرائيل.. انها تشير بأصبع الاتهام الى احدى دول (الشرق الأوسط) وعملية التسليح فيها على اعتبار ان هذا خطر محتمل. * 5_ يأتي كلام اسرائيل عن الجزائر في ظل حديث متواصل عن عملية التسليح العربي ولم يستثن اطراف دول الطوق على اعتبار ان الأمن الاسرائيلي يقتضي نزع عناصر التهديد الأمني لإسرائيل من الدول العربية. * 6_ زج اسم الجزائر في صيغة علاقات أمنية ومعاهدات أمنية مع إيران وروسيا والصين، ذلك يعني بوضوح تحريض على الجزائر. * بعيدا عن ذكر الصحة والخطأ في التقرير، فإن إظهاره الآن هو الذي يجب ان يشغل اهتمام المتابعين والمحللين، لأن العواصف تسبق الغيوم وتسبق المطر.. وهي رسالة لنا جميعا بأننا حتى لو نسينا اسرائيل فإنها لا تنسانا.