مثقفون عرب : ما قام به التوانسة إنجاز تاريخي وإنذار لكل الحكام العرب أدخلت التطورات السريعة للحالة التونسية في الساعات الماضية، والتي انتهت بإسقاط نظام الرئيس بن علي، العديد من العواصم ومراكز القرار في العالم، في حالة من الذهول، وخصوصا تلك التي كانت ترى في تونس، والجنرال بن علي، حليفا قويا، مثلما تصنفه باريس وواشنطن، حيث كان بن علي، من أكثر شركاء الاتحاد الأوربي، التزاما بالرؤية الغربية، ومن أقرب التلاميذ المجتهدين والمطبقين للنظرية الأمريكية في حربها ضد ما يسمى بالإرهاب والأصولية .
* سقوط بن علي جاء يوما واحدا، بعد مطالبة رئيس الوزراء الفرنسي، فيون، بوقف الاستعمال المفرط للقوة، وساعات قليلة فقط، بعد تأكيد باريس ترحيبها بالانفتاح الأخير للنظام البوليسي، لكن سقوط الرئيس، واستخلافه برئيس حكومته، محمد الغنوشي المعروف بأنه رجل تكنوقراطي، أسعد شرائح واسعة من أطياف الشعب التونسي، والكثير من المعارضين، فيما راحت العديد من العواصمالغربية والعربية، تستعرض، مرحلة ما بعد بن علي، من خلال طرح العديد من الشخصيات المرشحة لخلافته، وتحديدا زعيم المعارضة، نجيب الشامي. * وزارة الخارجية الامريكية قالت إن الولايات المتحدة تحترم إرادة الشعب التونسي، بينما دعا الإيليزيه، عقب اجتماع بين ساركوزي ورئيس حكومته فيليون، الشعب التونسي للتعاون مع الغنوشي. * المعارضون للنظام التونسي السابق، والمتمركزون في باريس، ولندن، يستعدون للعودة هذا الأسبوع، وتحديدا، سهام بن سدرين الماكثة في مدريد، والشيخ راشد الغنوشي، المستقر في منفاه بعاصمة الضباب لندن، في الوقت الذي يعتقد فيه الشعب التونسي، أنه الوحيد صاحب الكلمة في المرحلة المقبلة، وقد نقلت العديد من القنوات المحلية، بينها تونس 7 ونسمة، وحنبعل، أمس، تأكيد أفراد من الشعب والمحتجين في الشارع، أن هذا التغيير، هو تاريخي، وأنه من بين أسعد أيام التوانسة. * الشعب التونسي أدرك، جيدا، بشارعه ونخبته، أن الرئيس الذي لم يُوّف العهود بالديمقراطية والوعود بالتنمية طيلة عقدين من الزمان، ونيف، لن ينفذها بين ليلة وضحاها. والحقيقة أن بن علي لم يتكلم مهادنا الشارع، حسب مواطنين تونسيون، إلا بعدما شعر بوضع السيف في رقبته، وإحساسه بالخطر الداهم، وبأن الشعب قرر، أن يعيش، فلابد أن يستجيب القدر، »ولابد لليل أن ينجلي، ولابد للقيد أن ينكسر«، مثلما قال المعلم الأول للتوانسة، الشاعر الكبير، أبو القاسم الشابي. * وأجمع مفكرون عرب، أمس، بينهم، المصري فهوي هويدي، أن التوانسة، والشهداء الذين سقطوا في الشارع، قدموا للعرب جميعا، خدمة كبرى، وليس فقط لتونس الخضراء، ذلك أن جميع الشعوب العربية، باتت مدركة اليوم وقبل الغد، أن الواقع الذي تعيشه، يمكن تغييره، وأنه ليس قضاء وقدر، مثلما تصورت الأجيال السابقة التي عاشت مطحونة، تحت رماح الأنظمة المستبدة، كما أن التغيير، ليس حكرا على العسكر، أو الانقلابات، مثلما كان يعتقد العرب حتى قبل فترة قصيرة، ولكنه يمكن أن يقع انطلاقا من الشارع، وأن يأتي محصنا بدعاوى الغلابة، والمحقورين والزوالية والمساكين. *