أسقط الدكتور أبو القاسم سعد الله واقع مفكري وعلماء تلمسان في العصر الزياني على وضعية المثقف والمفكر الجزائري في الوقت الراهن، مشيرا إلى ضرورة أخذ العبرة من تلك الممارسات القمعية والظالمة من قبل سلاطين الزيانيين وغيرهم في الحقب التاريخية التي تعاقبت على تسيير شؤون عاصمة الزيانيين، والتي دفعت بعديد العلماء إلى الهجرة والهرب نحو الأندلس ودول المشرق العربي هربا من بطش الملوك، إلى أن تحوّلت تلمسان إلى "مدينة طاردة لعلمائها". * وعبّر المؤرخ الكبير في مداخلته الافتتاحية للملتقى الدولي حول تاريخ حضارة تلمسان ونواحيها، عن حاجة الجزائر اليوم قبل أي وقت مضى إلى نخبها المثقفة المهاجرة "كم نحن في حاجة إلى استجلاب علمائنا لا أن نطردهم"، مستعرضا في سياق مداخلته تلك الظروف الغاصبة التي جعلت من علماء تلمسان يتحوّلون إلى شموع في بلاد الأندلس والمغرب العربي وأمصار أخرى، بعيدا عن تلمسان التي ذاقوا منها أنواعا شتى من الاضطهاد والطرد ونهب الممتلكات وسفك الدماء، كما وقع لشقيق العلامة ابن خلدون، يحيى ابن خلدون الذي مات مقتولا، والشاعر ابن الخميس الذي طارده الغضب إلى أن مات مقتولا على مشارف مدينة غرناطة، والاضطهادات التي لحقت بأحمد الونشريسي وابن خطيب وصاحب المقدمة عبد الرحمن ابن خلدون. * وتساءل المتحدث: ماذا لو كانت تلك الفترة تتجلى فيها أجواء التسامح والتقدير لهذه الأقطاب العلمية، مشيرا إلى أن الفقر العلمي الذي كان يتسم به سلوك الأهالي والسكان آنذاك وغضب السلاطين كان من وراء بروز ظاهرة هجرة العلماء، وهو ما ساهم في نظر عميد المؤرخين الجزائريين في تغيب عديد المآثر العلمية النفيسة منها مخطوط "العلق النفيس" لابن مهدية القرشي الذي كان قاضيا بتلمسان.