كذّب رئيس الحكومة السابق، أحمد أويحيى، كل الإشاعات التي كان يتداولها "راديو طروطوار"، بشأن الممتلكات التي يضعها الأمين العام للأرندي في جيبه، وطبقا لما ينص عليه القانون الخاص بالتصريح بالممتلكات، الصادر في 11 جانفي العام 1997، سلّم أويحيى وثيقة التصريح بممتلكاته للجهات المختصة على مستوى مصالح رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، يوم الأربعاء 24 ماي الماضي، المصادف لتاريخ تقديم استقالته رسميا للرئيس بوتفليقة وتعيين عبد العزيز بلخادم خلفا له على رأس الجهاز التنفيذي. جمال لعلامي وحسب ما صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، فإن رئيس الحكومة السابق، أحمد أويحيى، أودع يوم 24 ماي الماضي، تصريحا بممتلكاته الشخصية، وتتمثل في: فيلا بحي البرادو بحيدرة، لا يتعدى سعرها ما قيمته 170 مليون سنتيم، كما أن الرجل حسب وثيقة التصريح، لا يملك سيارة، وله رصيد بنكي بقيمة 60 مليون سنتيم في الخزينة العمومية، ولا يملك أي حساب آخر في البنوك، ويقيم أويحيى حاليا في الفيلا رقم 33 بنادي الصنوبر بالجزائر العاصمة. "الممتلكات البسيطة" التي تضمنها تصريح أويحيى، والتي تجعله "مواطنا عاديا"، يضع حسب أوساط مراقبة، شكوك جدية إزاء القيل والقال الذي تردّد على مستوى الشارع الجزائري، حيث نفى في التصريح وبشكل رسمي أن تكون له أملاك عقارية أو منقولة أو أسهم مالية في أيّ شركة من الشركات الخاصة أو العمومية، وبذلك، فإن الأمين العام للتجمع الوطني الديمقرطي "يتحدّى" أجهزة "المراقبة والمحاسبة" والتحري التابعة لمصالح الدولة، وبالتحديد المحكمة العليا المخولة قانونا بمهمة فحص تصاريح الإطارات السامية للدولة بممتلكاتهم. بالمقابل، يكون رئيس الحكومة السابق، قد التزم برأي المراقبين، بروح القانون الذي وقعه الرئيس اليامين زروال في العام 1997، والدليل على ذلك، هو لجوء أحمد أويحيى إلى التصريح بممتلكاته في نفس اليوم الذي قدم فيه استقالته لرئيس الجمهورية من منصب رئاسة الجهاز التنفيذي، ويكون أويحيى بهذا التصرف، قصد تسجيل هدف إضافي لصالحه وفي شباك خصومه الذين يجدون أنفسهم اليوم أمام وضع محرج ومزعج، فإما تثبيت إدعاءاتهم السابقة بالدليل والحجة، بعدما ظلت مجرد "بلابلة" سياسية وتصفية حسابات، وإما سحب اتهاماتهم وتوقيف الحرب الباردة وإطلاق "البارود العراسي" الذي يرعب ولا يصيب. التصريح "الجديد" لأحمد أويحيى بممتلكاته، يؤكد من ناحية أخرى، أن السيدة حرمه لا تملك بدورها أية أملاك أو منقولات بأي صفة من الصفات، وهو حسب الملاحظين "تحد" آخر يرفعه أويحيى في وجه المحكمة العليا وكذا خصومه السياسيين، سواء داخل الحزب، فيما يعرف "بلجنة إنقاذ الأرندي"، أو على مستوى التحالف الرئاسي الذي كثيرا ما يعزف أغنية "من أين لك هذا؟"، بحثا عن صدقات إنتخابية عند كل اقتراع !. أويحيى، الذي غادر قصر الدكتور سعدان، في إقالة أو استقالة غامضة ومحيرة، بعد اشتداد "النيران الصديقة" داخل التحالف الرئاسي، وتصاعد نيران الحرب بين البرلمان والحكومة، على خلفية بيان السياسة العامة، يعود الآن إلى واجهة الأحداث الوطنية، من خلال تسليم وثيقة التصريح بممتلكاته، التي أرادها كرسالة مشفرة، تفيد بأنه فعلا "رجل دولة كان موظفا عند الدولة"، وأيضا "باحترامه لقوانين الجمهورية والتزامه بنصوصها"، وهو أكثر من ذلك، يختار التحدّي لمواجهة خصومه ممن اتهموه ضمنيا بالتعدّي على القانون باسم القانون، لتسهيل عملية إزاحته من الحكومة والأرندي، في محاولة لإحالته على التقاعد السياسي المسبق والمعاش المبكر، لكن الملاحظ، أن كل الاتهامات التي استخدمت كقشور موز لإسقاط أويحيى تبقى إلى أن يثبت العكس، مجرد بضاعة انتهت مدة صلاحيتها وتروج في سوق الكلام. التصريح بالممتلكات من طرف أحمد أويحيى، جاء ليعيد الذاكرة إلى الأضحوكة السياسية التي صنعها النواب خلال الدورة الربيعية للبرلمان، عندما ساروا ضد تيار أويحيى بشأن التصريح بالممتلكات في إطار مكافحة الفساد، وها هو الرئيس السابق للحكومة، التي اتهمها النواب بالعجز وإفشال برنامج رئيس الجمهورية، يورّط الهيئة التشريعية التي وقفت بالأمس مع محاولة تصفية قانون التصريح بالممتلكات، وتقف اليوم عاجزة عن مراقبة ومحاسبة المسؤولين وفحص أرقامهم المقدمة عند دخولهم مناصب المسؤولية والخروج منها. الأرقام والمعلومات التي تضمنها تصريح أويحيى بممتلكاته، تأتي لترد بشكل قاطع وضمني، على الإشاعات التي يتداولها الشارع، ويرددها الكثيرون بدون أدلة ولا براهين، في صيغة "سمعنا..راهم يقولوا..قالك"، بأن الرجل له علاقة بشركة النقل الجامعي التي يديرها السيد محي الدين طحكوت، وأن أويحيى يمتلك مطحنة في آقبو وأخرى في زرالدة، وأنه يقف وراء سوق أولاد فايت(...)، ومثل هذه الأقاويل كثير، لكن التصريح بالممتلكات التي سلمها أويحيى، للمصالح المختصة، تكرس تكذيباته السابقة -عندما كان على رأس الحكومة- بشأن هذه المعلومات. وبالعودة إلى مضمون القانون رقم 04-97 الخاص بالتصريح بالممتلكات، الصادر في 11 جانفي 1997، تنص المادة الخامسة، على أنه يتعين على رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة أن يكتتبوا تصريحا بممتلكاتهم خلال الشهر الذي يعقب تعيينهم، ويمدد هذا الأجل إلى شهر آخر في حالة القوة القاهرة، وتؤكد المادة العاشرة، بأن لجنة التصريح بالممتلكات تعد تقريرا سنويا إلى رئيس الجمهورية، وتبين في التقرير السنوي ما قد تلاحظه من تطورات في الممتلكات، إذا لم يقدم الشخص المعني بشأنها توضيحات أو قدم توضيحات يعتقد أنها غير كافية. هذا، وأبرز الفصل الخامس من القانون، في الشق المتعلق بالعقوبات، أن كل تصريح بالممتلكات، غير صحيح أو إفشاء لمحتوى هذا التصريح، خرقا لأحكام هذا الأمر، يعرضان مرتكبهما للعقوبات المنصوص عليها في المادتين 228 و301 من قانون العقوبات، وتنص المادة 16 على أن اللجنة تحيل كامل الملف على الجهة القضائية المختصة التي يتعين عليها تحريك الدعوى العمومية، في حالة ثبوت الفعل المنصوص عليه في المادة 228 من قانون العقوبات، بينما تشير المادة 17، إلى أنه يترتب على انعدام التصريح بالممتلكات، خلال الآجال المحددة، تنفيذ إجراءات إسقاط العضوية الانتخابية أو العزل من المهام حسب الحالة، كما يعد انعدام التصريح بالممتلكات، عند انتهاء العضوية الإنتخابية و/أو الوظيفة، بمثابة الإدلاء بالتصريحات الكاذبة المنصوص عليها في المادة 15 من القانون.